المرضعة على فعلها فشهادة ابنها وأمها أجوز في القياس.
قال أصحابنا: قدر المزني أن الشافعي أبطل شهادة أم المرضعة وأجاز شهادتها على فعل نفسها، فقال هذا، وهذا وهم من المزني، وإنما أراد الشافعي أن المرأة إذا ادعت على زوجها أن بينهما رضاعة فإنه لا يقبل قولها عليه ولا تقبل شهادة أمها وبنتها من النسب.
فأما الأجنبية إذا شهدت لها على فعل نفسها قبلت ق 173 ب شهادتها لأنها غير متهمة فيه، وكذلك يقبل شهادة أمها وبنتها فبطل ما قدره المزني، فإن قيل: لعل المزني أراد بذلك شهادة المرضعة التي باشرت الإرضاع لا شهادة أم المرضعة التي أرضعت الأفواه، قال: وكيف يجوز شهادتها على فعلها ولا يجوز شهادة أمها فرد الكنايتين إليها، قلنا: وهل يجهل أحد من نفسه أن شهادة التي باشرت الإرضاع وشهادة أمها سواء في القبول، والشافعي إنما أجاز شهادة أم المرضعة إذا شهدت عليها ولم يتكلم في شهادة أم المرضعة فكيف اعترض المزني على ما لم يتكلم فيه الشافعي فعرفت أن هذا الاعتذار عن المزني اعتذار غير صحيح.
مسألة:
قال: «ويوقفن حتى يشهدن أن قد رضع المولود».
الفصل:
أراد به كيفية الشهادة على الرضاع، وجملته أن الشهادة على الرضاع لا تقبل مطلقة وهو أن تقول إنها أخته من الرضاع أو أمه ولابد من أن تكون مبنية وهو أن يقول: أشهد أن هذا المولود ارتضع منه خمس رضعات متفرقات في الحولين، ووصل كل رضعة إلى جوفة، وهذا لأن للناس خلافاً في وقت الرضاع وعدده ولابد من البيان.
فإن قيل: هو لم يشاهد وصول اللبن إلى جوفه فكيف يجوز أن يشهد به؟ قيل: إذا علم الشاهد أن في الضرع لبناً والتقمه الصبي وحرك شفتيه مصاً، فإن نزول اللبن إلى جوفه إن لم يحصل له أتعلم به قطعاً فقد حصل بطاهر قوي وما تعذر الوقوف عليه بالمشاهدة أو السماع اكتفي فيه بالظاهر كما لو شهد الشاهد بالملك والنسب بالاستفاضة ق 174 أ.
قال الشافعي: فإن أخذت المرأة رأس الصبي تحت ثيابها فالتقم من ثديها فرأى ذلك فشهد بالرضاع لم يحكم به ولم تكن شهادة لأنه بعد أن يأخذ تحت ثيابها شيئاً فيه لبن فيمتص منه المولود ولا يكون جملة ولا يكون ذلك من لبنها، فإذا كان كذلك فلابد من مشاهدة الثدي وامتصاص الصبي منه على ما بيناه.