بالأنثى" وهذا نص.
وروى قتادة عن أنس بن مالك أن يهودياً مر بجارية عليها حلي لها، فأخذ حليها، وألقاها في بئر فأخرجت وبها رمق، فقيل: من قتلك؟ قالت: فلان اليهودي، فانطلق به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعترف فأمر به فقتل.
ولأن الأحكام ضربان: ضرب تعلق بحرمة كالحدود فيستوي فيه الرجل والمرأة، وضرب تعلق بالمال كالميراث، فتكون المرأة فيه على النصف من الرجل والقود متعلق بالحرمة فاستوت فيه المرأة والرجل.
والدية متعلقة بالمال فكانت المرأة فيه على النصف من الرجل. ولأن القصاص إن وجب فبذل المال معه لا يجب وإن لم يجب القصاص فبذل المال لا يجب.
فأما قوله: {والأُنثَى بِالأُنثَى} فليس يمنع قتل الأنثى بالأنثى من قتل الذكر بالأنثى، لأن الحكم المعلق بعين لا يقتضي نفيه عما عداها.
وأما اختلاف الديات فلا يمنع من التماثل في القصاص كتفاضل الديات بين أهل الكتاب والمجوس وهم متساوون في القصاص.
فصل:
وأما التكافؤ بالأنساب فغير معتبر بالإجماع فيقتل الشريف بالدنيء، والدنيء بالشريف، والعربي بالعجمي، والعجمي بالعربي.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلمون تتكافأ دماؤهم" وقال صلى الله عليه وسلم: "أئتوني بأعمالكم ولا تأتوتي بأنسابكم".
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: "من له علي مظلمة أو له قبلي حق فليقم ليأخذ حقه فقام له رجل يقال له عكاشة، فقال: لي عليك مظلمة ضربتين بالسوط على بطني يوم كذا، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه وقال: قم فاقتص، فبكى الرجل، وقال: عفا الله عنك يا رسول الله.
وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما هلك من كان قبلكم بأن الشريف كان إذا أتى الحد لم يحد وحد الدنيء".
وأما تكافؤ الأحكام فكالأحرار مع العبيد، والمسلمين مع المعاهدين فهو عندنا معتبر، وإن خولفنا فيه وسنذكره فيما يليه. وأصل التكافؤ في الحرية على ما سيأتي بيانه.