قيل: لأن الشلاء متصلة بحي، وفيها جمال، فجاز أن يجب الأرش بقطعها مع موتها، كما يجب في الشعر مع كونه عندكم ميتاً، ولأن الرق حادث عن الكفر فلما سقط به القود عن المسلم وجب أن يكون ما حدث فيه من الرق بمثابته في سقوط القود عن الحر ولأن النقص بالرق يمنع من استحقاق القود على الحر كالسيد مع عبده، ولأنه لما سقط عنه الحد بقذفه فأولى أن يسقط عنه القود بقتله لأن حرمة النفس أغلظ.
فأما الجواب عن الآية فهو أنها تضمنت نفساً وأطرافاً فلما خرج العبيد من حكم الأطراف خرجوا من حكم النفوس.
وأما الخبر فقال قال فيه: "ويسعى بذمتهم أدناهم" يريد به العبيد، ومن كان أدناهم لم يجز أن يؤخذ بالأعلى.
وأما قياسهم على الحر، فالمعنى فيه جريان القود في الأطراف فجرى في النفوس، ولا يجري في الأطراف بين الحر والعبد، فلم يجز في النفوس، وكذلك الجواب عن تعليلهم بتأثير الحجر كالجنون والصغر، وقد مضى الجواب عن جمعهم بين قتل الدفع وقتل القود، وليس لما تناكرته العامة، ونفرت منه الخاصة مساغاً في اختلاف الفقهاء.
وحكي أن بعض فقهاء خراسان سئل في مجلس أميرها عن قتل الحر بالعبد فمنع منه وطولب بالدليل عليه. فقال: أقدم قبل الدليل حكاية إن احتجت بعدها إلى دليل فعلت ثم قال: كنت أيام تفقهي ببغداد نائماً ذات ليلة على شاطئ دجلة فسمعت ملاحاً يترنم وهو يقول:
خذوا بدمي هذا الغلام فإنه رماني
... بسهمي مقلتيه على عمد
ولا تقتلوه إني أنا عبده
... ولم أر حراً قط يقتل بالعبد
وما انتشر في العامة تناكره حتى نظموه شعراً، وجعلوه في الأمثال شاهداً كان من اختلاف الفقهاء خارجاً فقال الأمير: حسبك فقد أغنيت من دليل.
فصل:
واستدل النخعي وداود على قتل السيد بعبده بما رواه قتادة عن الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل عبده قتلناه ومن جدع عبده جدعناه" وفي رواية أخرى: "ومن خصاً عبده خصيناه".
والدليل عليهما رواية الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلاً قتل عبده فجلده النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقده به، وأمره أن يعتق رقبه، وهذا نص وما أمر به من جلده ونفيه تعزيز. فأما الخبر المستدل به ضعيف، لأن الحسن لم يرو عن سمرة إلا ثلاثة