وكانت على حالها لم تندمل حتى عاد إليه فذبحه أو ضرب عنقه فعليه القود في الجراح وفي النفس ويدخل دية الجراح في دية النفس ولا يلزمه أكثر منها.
وقال أبو سعيد الاصطخري وذكره أبو العباس بن سريج أن دية الجراح لا تدخل في دية النفس كما لم يدخل قود الجراح في قود النفس، فيؤخذ بدية الجراح وبدية النفس كما أقيد بالجراح، وأقيد بالنفس، وهذا خطأ لأن جناية الواحد إذا لم تستقر بني بعضها على بعض، ودخل الأقل في الأكثر، فإذا صارت بعد الجراح نفساً كان مأخوذاً بدية النفس، ودخل دية الجراح فيها، لأن دية الجراح لا تستقر إلا بعد انتهاء سرايتها، وهي قبل الاندمال غير منتهية، فلذلك سقط أرشها، وصار داخلاً في دية ما انتهت.
فإن قيل: إنما يعتبر الاندمال فيها لانقطاع سرايتها، والتوجيه بعدها قطع لسرايتها، فصارت كالاندمال.
قيل: التوجيه عليه سراية الجراح، ولم تقطعها والاندمال قطع سرايتها فافترقا.
فأما قود الجراح فيجوز أن يستوفي مع قود النفس، واختلف أصحابنا في حكم استيفائه على وجهين:
أحدهما: وهو قول أبي حامد الإسفراييني أنه يستوفي به القصاص في النفس ليقابل القاتل بمثل فعله، ولا يكون ذلك قوداً في الجراح، فعلى هذا يكون القود في الجراح داخلاً في قود النفس، كما دخلت دية الجراح في دية النفس.
والثاني: وهو قول الأكثرين أنه يكون قوداً في الجراح يستوفي لأجلها، لا لأجل النفس لتميزها، فعلى هذا لا يدخل قود الجراح في قود النفس، وإن دخلت دية الجراح في دية النفس.
والفرق بينهما أن حكم القود أعم من حكم الدية، لأن الجماعة يقادون بالواحد، ولا يؤخذ منهم إلا دية واحدة، فجاز لأجل ذلك أن تدخل دية الجراح في دية النفس، وإن لم يدخل قود الجراح في قود النفس.
فأما إذا كان الجراح من رجل والتوجيه من آخر أخذ الجارح بحكم جراحته في القود والدية، وأخذ الموجئ بحكم القتل في القود والدية، ولم تدخل دية الجراح في دية النفس، كما لا يدخل قود الجراح في قود النفس بخلاف الواحد، وهو متفق عليه والفرق بينهما تفرد الواحد وتميز الاثنين.
مسألة:
قال الشافعي: "ولو برأت الجراحات، ثم عاد فقتله كان عليه ما على الجارح منفرداً، وما على القاتل منفرداً".