وعدها البينة فالقول قول الجارح مع يمينه وليس عليه إلا نصف الدية لأمرين:
أحدهما: أننا على يقين في وجوب النصف، وفي شك من الزيادة.
والثاني: أن الأصل حياة اللحم حتى يطرأ عليه الموت فصار الظاهر مع الجارح دون الولي، ولو اختلفا في الدواء، فقال الجارح: كان سماً موجياً وليس على إلا دية الجرح، ولا قود في النفس، وقال الولي: بل كان سماً موجياً وليس علي إلا دية الجرح، ولا قود في النفس، وقال الولي: بل كان دواء غير قاتل، وأنت القاتل فعليك القود، أو دية النفس، فالقول مع عدم البينة قول الولي دون الجارح، وعلى الجارح القود في النفس أو جميع الدية لأمرين اقتضيا عكس ما اختلفا فيه من الخياطة:
أحدهما: أننا على يقين من جناية الجارح وفي شك من غيرها.
والثاني: أن الظاهر في التداولي أنه بالنافع دون القاتل، فصار الظاهر هو المغلب والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي: "ولو قطع يد نصراني فأسلم، ثم مات لم يكن قود، لأن الجناية كانت وهو ممن لا قود فيه، وعليه دية مسلم، ولا يشبه المرتد، لأن قطعة مباح، كالحد والنصراني يده ممنوعة".
قال في الحاوي: وهذا كما قال: إذا قطع مسلم يد نصراني فأسلم ثم سرى القطع إلى نفسه فمات لم يجب فيه القود ووجب فيه دية مسلم، اعتباراً في القود بحال الجناية وفي الدية باستقرار السراية، وإنما اعتبر في القود بحال الجناية لأمرين:
أحدهما: أنه لما كان النصراني لو قطع يد نصراني، ثم اسلم القاطع ومات المقطوع، لم يسقط القود عن القاطع بإسلامه اعتباراً بوجوبه حال الجناية، ووجب إذا انعكس في المسلم إذا قطع يد نصراني ثم اسلم المقطوع أن لا يجب على القاطع القود، اعتباراً بسقوطه عنه حال الجناية.
والثاني: أنه لما صح في هذه الجناية إسقاط بالكفر عند الجناية، وإيجاب بالإسلام عند السراية، وجب أن يغلب حكم الإسقاط على حكم الإيجاب، لأنه يصح فيه إسقاط ما وجب، ولا يصح فيه إيجاب ما سقط، واعتبرنا في الدية استقرارها بعد السراية لأمرين:
أحدهما: أنه لما اعتبرنا استقرار السراية فيما زاد في الموضحة إذا صارت نفساً في إيجاب الدية الكاملة بعد أن وجب نصف عشرها، وفيما نقص بقطع اليدين والرجلين إذا سرت إلى النفس في إيجاب دية واحدة بعد وجوب ديتين وجب أن يكون بمثابتهما ما حدث من زيادة الدية بالإسلام.