وهو أن يجرح مسلمًا خطأ ثم يرتد الجارح ويرجع إلى الإسلام، ويموت المجروح، فعلى الجارح جميع الدية دون القود؛ لأنه قتل مسلمًا خطأ وما تحمله عاقلته المسلمون لها، معتبر بزمان ردته، فإن كان يسيرًا لا تسري الجناية في مثله تحملت العاقلة عن جميع الدية كما لو كانت هذه الردة في المجروح تحمل الجارح جميع الدية.
وإن كان زمان ردته كثيرًا تسري الجناية في مثله، ففيما تتحمله العاقلة عند ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن تحمل على عاقلته جميع الدية، إذا قيل إنه يضمن في ردة المجروح جميع الدية.
والثاني: أنه يتحمل عنه عاقلته نصف الدية ويتحمل الجاني نصفها المقابل لزمان ردته إذا قيل إنه يضمن في ردة المجروح نصف الدية؛ لأن عصبته المسلمين يعقلون عنه في إسلام، ولا يعقلون عنه في ردته.
والثالث: أنهم يعقلون عنه أرش الجرح، ويتحمل هو ما بقي من دية النفس، إذا قيل إن ردة المجروح توجب أرش جرحه.
مسألة:
قال الشافعي: "ولو مات مُرتدًا كان لوليه المسلم أن يقتص بالجرح. قال المزني: القياس عندي على أصل قوله أن لا ولاية لمسلم على مرتد، كما لا وراثة له منه، وكما أن ماله للمسلمين فكذلك الولي في القصاص من جرحه ولي المسلمين".
قال في الحاوي: وصورتها: في مسلم جرح مسلمًا ثم ارتد المجروح ومات على ردته، فلا يجب في النفس قود، ولا دية؛ لأن تلفها كان بجناية في الإسلام، وسراية في الردة، والردة ليسقط حكم ما حدث فيها من السراية فسقط بها ما زاد على الجناية، ولم يبق إلا الجناية، وليست على النفس فسقط حكم النفس.
فأما الجناية الواقعة في الإسلام على ما دون النفس من جرح أو طرف، فالمنصوص عليه من مذهب الشافعي ها هنا وفي كتاب "الأم" أنها مضمونة بالقصاص، والأرش، وهو الصحيح الذي كان عليه جمهور أصحابنا لحدوثها في الإسلام الموجب لضمانها، وتكون الردة مختصة بسقوط ما حدث من السراية فيها.
وقال أبو العباس بن سريج: "يسقط القصاص ويجب الأرش" لأن الجرح إذا صار نفسًا دخل في حكمها، وصار تبعًا لها. فإذا سقط القود في النفس المتبوعة سقط في الجرح التابع.
وحكي أبو حامد الإسفراييني عن بعض أصحابنا وجهًا ثالثًا: أنه يسقط حكم