أحد الشريكين حصته، وهو معسر، ويأتي آخر فيقطع يده الأخرى، ثم يموتن ونصفه حر، ونصفه مملوك، فلا قود على واحد منهما، لبقاء الرق في نصفه، والمستحق منه نصف قيمته عبدًا ما بلغت، ونصف ديته حرًا لاستقرارها فيه بعد عتق نصفه ورق نصفه، ويتحمل القاطعان بينهما بالسوية فيكون على كل واحد منهما ربع القيمة وربع الدية، ولا يفضل واحد على الآخر، وإن اختلفت جنايتهما في الرق والعتق، لاستقرارها فيمن رق نصفه وعتق نصفه، ويكون للمسترق من الشريكين نصف قيمته.
فأما نصف الدية فيشترك فيها المعتق والوارث إذا جعلنا من عتق بعضه موروثًا فيأخذ منها المعتق أقل الأمرين من ربع قيمته عبدًا، أو ربع ديته حرًا، لأن إحدى الجنايتين كانت في ملكه والأخرى بعد عتقه. ويعود على الوارث ربع الدية، وما فضل من ربع القيمة، إن كان. فعلى هذا لو كانت المسألة بحالها، فعاد القاطع الأول فقطع إحدى رجليه ومات، فقد مات من جنايتين أحدهما بعد العتق، والأخرى نصفها في الرق ونصفها بعد العتق، فيكون عليها نصف القيمة ونصف الدية، لاستقرارها فيمن نصفه حر ونصفه مملوك، وهما في تحملها بالسوية؛ لأن أفعال الجاني يبني بعضها على بعض، إذا صارت نفسًا.
ولا يتقسط الأرش على أعداد الجرح، كما لو جرحه أحدهما جرحًا، والآخر عشرًا.
ويكون لمالك رقه نصف قيمته ما بلغت.
فأما نصف الدية فيكون منها لمعتقه أقل الأمرين من ربع قيمته، أو ثمن ديته، لاستقرار ثلاثة أرباع الجناية في نصف بعد عتقه.
فصل:
فأما المزني فإنه يحكم على فصلين:
أحدهما: أنه إذا فقأ عينيه في الرق، وقيمته ألفا دينار، ثم أعتق كانت عليه الألفان، وقد تقدم الكلام عليه.
والثاني: هي مسألة الكتاب إذا جني واحد عليه في الرق، واثنان بعد العتق، أنه يختار من القولين أنه يعتبر أرش الجناية في الرق، ولا يعتبر بأعداد الجناة تمسكًا بأمرين:
أحدهما: أن الشافعي قد ذكره في موضع آخر، وهذا ليس بشيء، لأن ذكر أحد القولين في موضعين، وذكر الآخر في موضع لا يقتضي إثبات ما تكرر ونفي الآخر.
والثاني: أن قال: لما كان الزائد بالحرية لا يعود على السيد وجب أن يكون الناقص بالحرية لا يعود عليه، وهذا خطأ، لأن الزائد بالحرية حادث في غير ملكه، فلم يستحقه، والناقص بالحرية من فعله فعاد عليه نقصه والله أعلم.