وكذلك في ارتكابه للكبائر الذي يفسق بها.
أحد الوجهين: أنه يخرج من الإمامة لقول الله تعالى: {إنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إمَامًا قَالَ ومِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} البقرة:124.
والثاني: أنه لا يخرج بها من الإمامة حتى يخرجه منها أهل الحل والعقد، لانعقاده بهم، وعليهم أن يستنيبوه فإن تاب وإلا خلعوه.
فصل:
وأما القسم الثاني: وهو أن يكون الآمر بالقتل متغلبًا فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون متغلبًا بتأويل كمن ندب نفسه لإمامة أهل البغي، إذا أمر بقتل رجل ظلمًا فلا يخلو حال المأمور من أحد أمرين:
إما أن يكون ممن يرى رأيه، ويعتقد طاعته، أو يكون مخالفًا له، فإن كان موافقًا لرأيه معتقد الطاعة فحكم المأمور معه كحكمه مع إمام أهل العدل إن لم يكن من الآمر إكراه وجب القود على المأمور دون الآمر، وإن كان منه إكراه وجب القود على الآمر وفي وجوبه على المأمور قولان.
وإن كان ممن يخالفه في رأيه، ولا يعتقد طاعته ففيه وجهان:
أحدهما: أن يغلب فيه حال المأمور لما يعتقده من مخالفة الآمر، ويجري عليه حكمه مع الآمر إذا كان متغلبًا باللصوصية على ما سنذكره.
والثاني: أن يغلب فيه حال الآمر، ويجري عليه حكمه مع الآمر إذا كان إمامًا لأهل العدل لأمرين:
أحدهما: أنه لما كان الباغي مع إمام أهل العدل في حكم أهل العدل، وجب أن يكون أهل العدل مع إمام أهل البغي في حكم أهل البغي.
والثاني: أن الشافعي أمضى أحكام قضائهم على أهل العدل وأهل البغي، وجواز أخذ الزكاة وجباية الخراج منهما فاستويا في الحكم، وإن اختلفا في المعتقد.
والضرب الثاني: أن يكون متغلبًا باللصوصية إذا أمر بقتل رجل فالفرق بين أمره وأمر الإمام من ثلاثة أوجه متفق عليها، ورابع مختلفة فيه.
فأما الثلاثة المتفق عليها:
فأحدها: أن طاعة الإمام واجبة إلا فيما يعلم أنه ظلم، وطاعة هذا المتغلب غير واجبة إلا فيما يعلم أنه حق.
والثاني: أن الظاهر من أمر الإمام بالقتل أنه يحق إلا أن يعلم أنه ظلم، والظاهر من أمر المتغلب بالقتل أنه يظلم إلا أن يعلم أنه حق.
والثالث: أن اجتهاد الإمام فيمن يستبيح قتله من مسلم بكافر، وحر بعبد نافذ، واجتهاد هذا المتغلب فيه غير نافذ.