مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وعلى السيد القود إذا أمر عبده صبيًا أو أعجميًا لا يعقل بقتل رجلٍ فقتله، فإن كان العبد يعقل فعلى العبد القود، ولو كانا لغيره فكانا يُميزان بينه وبين سيدهما فهما قاتلان، وإن كانا لا يُميزان فالآمر القاتل وعليه القود".
قال في الحاوي: وصورتها في رجل أمر عبده بالقتل، فامتثل أمره فيه فللعبد المأمور حالتان:
أحدهما: أن يكون ممن لا يميز في طاعة سيده بين المحظور والمباح، إما لصغره وإما لأعجميته، فيكون السيد الآمر هو القاتل، ويكون العبد معه كالآلة التي يستعملها أو كالبهيمة التي يشليها فيكون القود في المقتول واجبًا على السيد دون العبد، فإن عفا إلى الدية كانت حاله في ماله، ولا يرتهن رقبة العبد بها، ويكون كسائر أموال السيد.
وعلى هذا لو قال السيد لهذا العبد: اقتلني فقتل سيده بأمره فلا قود عليه، ويكون السيد قاتل نفسه.
ولو قال له السيد: اقتل نفسك فقتل نفسه عن أمره، كان السيد هو القاتل لعبده، فيؤخذ بما يؤخذ به قاتل عبده.
والثانية: أن يكون هذا العبد يميز في طاعة سيده بين المباح وبين المحظور، ويعلم أن القتل محظور لا يطاع فيه السيد، إما لبلوغه وعقله، وإما لمراهقته وتمييزه، فيكون العبد هو القاتل دون السيد، فإن كان بالغًا وجب عليه القود، وإن كان مراهقًا لم يبلغ فلا قود عليه، وتكون الدية في رقبته يباع فيها.
وعلى هذا لو قال له السيد: اقتلني فقتل سيده بأمره كان العبد هو القاتل إلا أنه لا قود عليه؛ لأن في أمر السيد إبراء من القود، ولا يثبت في رقبته الدية، لأنه مملوك لمستحقها من الورثة ولو قال له السيد: اقتل نفسك فقتل نفسه كان هو القاتل لنفسه دون السيد. وهكذا حكم الأب مع ابنه إذا أمره بالقتل في أن يراعي تمييز الابن، فإن كان مميزًا يعلم أن طاعة الأب في القتل لا تجب، فالابن هو القاتل دون الأب، وإن كان لا يميز لصغره أو بلهه، فالأب هو القاتل دون الابن.
فصل:
وإذا أمر أجنبي عبد غيره بالقتل، فأطاع العبد غير سيده في القتل، روعي حال العبد، فإن لم يفرق بين طاعة سيده وطاعة غيره لصغره أو أعجميته أو اعتقد أن كل آمر مطاع كان الآمر هو القاتل، وإن فرق بين سيده وبين غيره في التزام طاعته، فالعبد هو القاتل دون الآمر، فإن تشبه الأجنبي بالسيد ودلس نفسه على العبد حين أمره بالقتل كان