بقتله دون ولي المقتول، لما قد تعلق بقتله من حق الله تعالى الذي لا يجوز العفو عنه، ولولي المقتول أن يقتله بغير إذن الإمام لما تعلق به من حقه الذي لا يجوز أن يمنع منه.
فإن قتله غيرهما من الأجانب فعلى الوجه الأول: يجب عليه القود، وعلى مذهب الشافعي وقول جمهور أصحابه لا قود عليه.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "ويقتل الذابح دون الممسك، كما يحد الزاني دون الممسك".
قال في الحاوي: وصورتها في رجل أمسك رجلًا حتى قتله آخر فعلى القاتل القود، فأما الممسك فإن كان القاتل يقدر على القتل من غير إمساك، أو كان المقتول يقدر على الهرب بعد الإمساك فلا قود على الممسك بالإجماع.
وإن كان القاتل لا يقدر على القتل إلا بالإمساك، وكان المقتول لا يقدر على الهرب بعد الإمساك فقد اختلف الفقهاء في الممسك، فمذهب الشافعي وأبي حنيفة: أنه لا قود عليه ولا دية، ويعزر أدبًا.
وقال إبراهيم النخعي وربيعة بن أبي عبد الرحمن بحبس الممسك حتى يموت، لأنه أمسك المقتول حتى مات، فوجب أن يجازي بمثله، فيحبس حتى يموت.
وقال مالك: يقتل الممسك قودًا كما يقتل القاتل إلا أن يمسك مازحًا ملاعبًا فلا يقاد استدلالً بقول الله تعالى: {فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} الإسراء:33.
وبما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تعالى عنه أنه قتل جماعة بواحد. وقال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به أي لو تعاونوا عليه. والممسك قد عاون على القتل ولأنهما تعاونا في قتله، فوجب أن يستويا في القود، كما لو اشتركا في قتله، ولأن ممسك الصيد لما جرى عليه حكم القاتل في وجوب الجزاء، ولو أمسكه أحد المجرمين، وقتله الآخر اشتركا في الجزاء، وجب أن يكون ممسك المقتول يجري عليه حكم القاتل في وجوب القود، ويكونا فيه سواء، ولأن الإمساك سبب أفضى إلى القتل فلم يمنع أن يجري عليه حكم المباشرة للقتل كالشهود إذا شهدوا عند الحاكم على رجل بالقتل فقتل، ثم رجعوا قتلوا قودًا بالشهادة، وإن كانت سببًا كذلك الممسك.
ودليلنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يقتل القاتل، ويصبر الصابر" قال أبو عبيدة: يعني يحبس لأن المصبور هو المبحوس، يريد بالحبس التأديب لا كما تأوله ربيعة على الحبس إلى الموت، ولأن الإمساك سبب، والقتل مباشرة، فإذا اجتمعا ولم يكن في