أحدهما: وهو أظهرهما تعجيل قتلها، إلا أن يرضى الولي بإنظارها إلى تعيين المرضع وتسليمه لأننا لا نأمن على المولود من تلف النفس.
والثاني: يجب تأخير قتلها حتى يتعين المرضع وتسليمه، رضي به الولي أو لم يرض؟ لأنه ربما تأخر تعيين المرضع وتسليمه إليها زمانا لا يصير المولود فيه على فقد الرضاع فيتلف.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "ولو عجل الإمام فاقتص منها حاملا فعليه المأثم فإن ألقت جنينا ضمنه الإمام على عاقلته دون المقتص. قال المزني رحمه الله: بل على الولي لأنه اقتص لنفسه مختارا فجني على من لا قصاص له عليه فهو بغرم ما أتلف أولى من إمام حكم له بحقه فأخذه وما ليس له".
قال في الحاوي: إذا عجل قتل الحامل قودا ولم تسهل حتى تضع لم يخل حالها بعد القتل من أن تلق ولدا، أو لا تلقيه فإن لم تلق ولدا فلا ضمان في الحمل، لأنه موهوم وينظر حالها، فإن كانت أمارات الحمل ظاهرة عليها كان قاتلها آثما إذا علم بالأمارات، لأنه عجل بقتل وجب تأخيره وإن لم تظهر أماراته فلا مأثم فيه، لأن الظاهر خلوها من الحمل وإن ألقت ولدا فعلى ضربين:
أحدهما: أن يكون حيا يبقى بعد قتلها فلا ضمان فيه لبقاء حياته، فإن مات بعدها روعي أمره فيما يبين وضعه وموته، فإن لم يزل فيه ضمنا يحدث به ضعف بعد ضعف، فالظاهر من موته أنه كان يقتل أمه فيكون مضمونا بالدية، وإن كان فيما بين وضعه وموته سليما يزداد قوة بعد قوة ثم مات، فالظاهر من حال موته أنه عن سبب حادث بعد ولادته فلا يضمن ديته.
والثاني: أن تضعه جنينا لا يبقى له حياة فيكون مضمونا؛ لأن الظاهر من إلقائه أنه كان بقتل أمه لأمرين:
أحدهما: أن حياته كانت متصلة بحياتها.
والثاني: أنه فقد غذاءه منها وإن كان مضمونا نظر فيه، فإن وضعته ميتا وجب فيه غرة عبد او أمة قيمتها خمسون دينارا هي عشر دية أمة: ونصف عشر دية أبيه، ولا فرق بين أن يكون الجنين ذكرا أو أنثى ضمن بدية امرأة.
فصل:
فإذا ثبت أن الجنين مضمون بالغرة إن لم يستعمل، وبالدية إن استهل كان لزومها مقصورا على الإمام لحكمه بالقصاص، وعلى الولي لاستيفائه القصاص، ولا يخلو