حالهما في الحمل من أربعة أقسام:
أحدها: أن يعلم الولي بالحمل ولا يعلم به الإمام، فالضمان على الولي دون الإمام لمباشرته لقتل علم حظره.
والثاني: أن يعلم الإمام بالحمل ولا يعلم به الولي، فالضمان على الإمام لحكمه بقتل علم حظره، كالشهود بالقتل إذا استوفاه الحاكم بشهادتهم ثم رجعوا ضمنوه دون الحاكم.
وقال المزني: في هذا لقسم "يكون ضمانه على الولي دون الإمام لمباشرته" وهو فاسد بما ذكرناه.
والثالث: أن يعلم الإمام والولي بالحمل فالضمان على الإمام دون الولي، وقال المزني: على الولي دون الإمام، وهذا فاسد، لأن الولي مطالب بحقه والإمام هو الممكن منه، والحاكم به فكان بالتزام الضمان أحق.
والرابع: أن لا يعلم الإمام ولا الولي بالحمل، ففي ما يلزم الضمان ثلاثة أوجه:
أحدها: وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه مضمون على الولي، لمباشرته له.
والثاني: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنه مضمون على الإمام دون الولي، بتسليطه عليه.
والثالث: وهو قول البصريين، أنه مضمون على الإمام وعلى الولي نصفين لوجود التسليط من الإمام ووجود المباشرة من الولي، فصارا فيه شريكين.
فصل:
فإذا استقر تعيين من وجب عليه الضمان، على ما ذكرناه من التقسيم كان ما ضمنه الولي من ديته أو غرته على عاقلته؛ لأنه من خطئه الذي تتحمله العاقلة عنه، وكانت الكافرة في ماله، لأن العاقلة تتحمل العقل دون الكفارة.
فأما ما ضمنه الإمام من الدية أو الغرة ففيه قولان:
أحدهما: أنه مضمون على عاقلته يتحملونه عنه، لأن عمر رضي الله عنه حين ضمن جنين المرأة التي أرهبها فألقته ميتا قال لعلي عليه السلام: "عزمت عليه لا تبرح حتى تضربها على قومك" يعني من قريش، لأنهم عاقلة عمر وكما يتحملون عنه العقل لو لم يكن إماما فعلى هذا تكون الكفارة في ماله كغير الإمام.
والثاني: تكون الدية أو الغرة مضمونة في بيت المال، لأنه يكثر من الإمام لما يتولاه من أمور المسلمين التي لا يجدهن مباشرتها والاجتهاد فيها بدا، فلو تحملت عاقلته ما لزمه من خطأ اجتهاده عجزوا عنه ولم يطيقوه، فوجب أن يكون في مال من ينوب عنهم ويقوم بمصالحهم من المسلمين، فلذلك كان في بيت مالهم.
فإن قيل: ليس هذا من مصالحهم، فيكون في بيت مالهم.