الذي لا يلتحم ويتحقق تلفه لم يقتص منه, لأنه يصير اقتصاصًا من يد بنفس.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وإن كان المقطوع أشل لم يكن له القود فيأخذ أكثر وله حكومة يد شلاء".
قال في الحاوي: لا يجوز أن يقتص من اليد السليمة باليد الشلاء.
وقال داود: يقتص من السليمة بالشلاء اعتبارًا بملطق الاسم, كما يقتص من القوية الضعيفة, ومن الصحيحة بالمريضة ولأنه لما اقتص من الأذن السليمة بالأذن المستحشفة, والاستحشاف شلل, كذلك شلل اليد, وهذا خطأ, لقول الله تعالى: {وجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} الشورى 40 وليست الشلاء مثلًا لسليمة فلم يجز أن تؤخذ بها, ولأن البصير إذا قلع عينًا قائمة لا تبصر لم يقتص بها من عينه المبصرة مع وجود الحياة فيما قلع, فكل شلل اليد مع هذه الحياة فيها أولى ان لا يقتص منها من يد ذات حياة.
فإن قيل: لو كانت الشلاء ميتة لما حل أكلها من الحيوان المذكى؟
قيل: إنما حل أكلها لحمًا وإن كانت ميتة؛ لأنها صارت تبعًا لمذكى كالجنين إذا مات بذكاة أمه, ولأن قطع الشلاء من حي كقطعها من ميت, لأنها في الحالتين ميتة, وقطعها من الميت لا يوجب القصاص, فكذلك قطعها من الحي.
فإن قيل: قطعها من الميت لا يضمن بالأرش, وقطعها من الحي مضمون بالأرش فجاز أن تضمن بالقود وإن لم تضمن به يد الميت؟
قيل: لأن اليد تبع للجسد, وجسد الميت غير مضمون فلم تضمن يده, وجسد الأشل مضمون فضمنت يده وخلاف نفس الضعف والمرض لوجود الحياة معهما وحصول النفع بهما, فأما الأذن المستحشفة ففي الاقتصاص بها من السليمة قولان:
أحدهما: لا قصاص كاليد الشلاء.
والثاني: يقتص بها من السليمة بخلاف اليد الشلاء.
والفرق بينهما: أن منفعة الأذن حصول الجمال بها, وهذا موجود في المستحشفة كوجوده في السليمة, ومنفعة اليد قبضها وبسطها والعمل بها, وهذا مفقود في الشلاء موجود في السليمة فافترقنا.
فصل:
فأما إذا قطع الأشل يد أشلاء ففي القصاص وجهان:
أحدهما: وهو محكي عن أبي إسحاق المروزي: أنه لا قصاص بينهما, واعتل بأن