أحدها: أن مثلة الشعر تغييره بالسواد.
والثاني: أنه نتفه.
والثالث: أنه حلقه في الخدود وغيرها.
فصل:
فأما إن قني شعره قلعا لم يعد نباته، فإن أمكن فيه القصاص حتى يذهب فلا يعود نباته اقتص منه مع التماثل والمكنة، وإن تعذر القصاص منه إلا أن يعود نباته فعليه في جميعه حكومة، ولا تبلغ حكومته دية، وأوجب أبو حنيفة الدية في الشعر في أربعة مواضع؛ في شعر الرأس، واللحية، والحاجبين وأهداب العينين، فجعل في كل واحد منها الدية إلا في العبد فإنه أوجب في شعره ما نقص من قيمته، احتجاجًا بما روي أن رجلًا أفرغ قدرًا يغلي على رأس رجل فتمعط منها شعره فأتى عليًا - عليه السلام - فقال له: اصبر سنة فصبر فلم ينبت فقضى علي له بالدية، ولم يظهر له في الصحابة مخالف فكان إجماعًا.
قال: ولأن الدية تجب بإتلاف ما فيه منفعة كاليدين والرجلين، وبإتلاف ما فيه جمال كالأنف والآذنين، وفي هذا الشعر جمال، وإن لم يكن فيه منفعة، فاقتضى أن يجب فيه الدية كالأنف والأذنين.
قال: ولأن كل ما فرق بين الرجل والمرأةً وجبت فيه الدية كالذكر والأنثى.
ودليلنا: هو أن الدية لا تجب إلا توفيقًا كديات الشجاج والأطراف، وليس في الشعر توقف فلم يجب فيه دية، ولأن الدية تجب فيما يؤلم وليس في أخذ الشعر ألم، وما اختص بالجمال دون الألم لم تكمل فيه الدية كاليد الخلاء، ولأنه شعر لا يجب في العبد منه مقدر فلم يجب في الحر منه مقدر كشفر الجسد، ولأن من لا يجب في شعر جسده مقدر لم يجب في شعر وجهه مقدر كالعبد، ولأن ما جرت العادة بإزالته عند تجاوزه حده لم تجب الدية في إزالة أصله كالأظفار، ثم في الأظفار مع الجمال نفع ليس في الشعر، لأن الأنامل لا يتصرف إلا بها فنقص حكم الشعر عنها.
فأما احتجاجهم بقضاء على رضوا ن الله عليه فقد خالفه فيه أبو بكر رضي الله عنه فقضى فيه بعشر من الإبل، فقد خالفه فيه أبو بكر رضي الله عنه فقضى فيه بعشر من الإبل، وخالفها فيه زيد فقضى فيه بثلث الدية، وليس مع الخلاف إجماع، وقيامه على الذكر لاختصاص الرجال به فيفسد بشعر الشارب يختص به الرجال ولا يجب فيه الدية.
ثم المعنى في الذكر أن فيه منفعة وإنما يخاف منه للسرايةً إلى النفس، فخالف الشعر، وما ذكره من القياس على الأنف والأذين فلا توية بيها وبين الثم لأمرين:
أحدهما: أن في الأنف والأذنين منفعة ليست في الشعر، لأن الأنف يحفظ النفس والشم، والأذن يحفظ السمع ويدفع الأذى.