شعره أم لا، كما قلنا في السرايةً إلى الكف بقطع الإصبع لما لم يجب فيه القصاص لم تكن سراية القصاص إلى الكف مسقطًا لما وجب من أرش الكف، فأما المزني فإنه جمع بين السرايةً في النفس في وجوب القصاص فيهما وهو الأصح.
فأما إن لطمه فأذهب ضوء عينه فإن كانت اللطمةً يذهب بمثلها ضوء العين في الغالب وجب القصاص فيها بلطمةً يقصد بها ذهاب ضوء العين، ولا يقصد بها القصاص في اللطمةً فإن ذهب بها ضوء العين فقد استوفي القصاص منها، وإن لم يذهب منها ضوء العين وأمكن أن يؤخذ ضوؤها مع بقاء الحدقةً بغير حديد فعل، وإن لم يمكن أخذت منه دية العين، ولا أرش عليه في اللطمةً لاستيفاء ما حدث عنها، وإن كانت اللطمةً لا يذهب في الأغلب منها ضوء العين ويجوز أن يذهب فلا قصاص فيها؛ لأنها عمد الخطأ وتؤخذ منه دية العين، ولا يعزر في اللطمةً؛ لأنه قد استوفي منه حقها، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "ولا أبلغ بشعر رأسه ولا بشعر لحيته دية قال المزني رحمه الله: هذا أشبه بقوله عندي قياسا على قوله إذا قطع يده فمات عنها أنه يقطع فإن مات منها فقد استوفي حقه فكذلك إذا شجه مقتصا فذهبت منها عيناه وشعره فقد أخذ حقه غير أني أقول إن لم ينبت شعره فعليه حكومة الشعر ما خلا موضع الموضحة فإنه داخل في الموضحة فلا نغرمه مرتين".
قال في الحاوي: لا خلاف أن الشعر إذا عاد نباته فلا دية فيه، فأما الحكومة فمعتبرة بحال الشعر، فإن كان مما لا شين في أخذه كشعر الرأس والجسد والشارب فلا يجب في أخذه حكومة، وإن كان مما يشين أخذه كاللحية والحاجبين وأهداب العينين فلا يخلو حال نباته من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يعود مثل ما كان، فلا حكومة فيه ويعزر جانبه.
والثاني: أن يعود أخف مما كان وأقل فعليه حكومة ما نقص منه، سواء عاد أقبح مما كان أو أجمل، لأنه قد زال من جسده ما لم يعد.
والثالث: أن يعود أكثف مما كان وأكثر فإن لم يكن في الزيادة قبح فلا شيء عليه ويعزر، وإن كان في الزيادة قباحةً وشين فعليه حكومة ما نقص بالقباحةً والشين، وذهب بعض أصحابنا إلى أن نبات الشعر بعد ذهابه لا يسقط ما وجب فيه من حكومة أخذه، وقد روى محمد بن مسلم الطائفي عن إبراهيم بن ميسرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من مثل بالشعر فليس له خلاق عند الله يوم القيامة)) وفيه ثلاثة أوجه: