والثاني: أن شينها فيه أقبح, ويتغلظ هذه الشجاج في الرأس بالعمد, ويتخفف بالخطأ, ولا تتغلظ في الجسد بعمد ولا خطأ, لأن التغليظ يختص بالمقدر من الديات ولا يدخل فيها ما لا يتقدر من أروش الجنايات, فيتغلط خمس الموضحة بالأثلاث فيكون فيه خلفتان, وجذعة ونصف, وحقة ونصف, فتخفف فيها بالأخماس فيكون فيها جذعة وحقة, وبنت لبون وابن لبون, وبنت مخاض, وتتغلظ غير الهاشمة بالأثلاث قيكون فيها أربع خلفات, وثلاث جذاع وثلاث حقاق, ويتخفف بالأخماس فيكون فيها جذعتان, وحقتان, وبنتا مخاض, ويتغلظ في خمس عشرة في المنقلة بالأثلاث فيكون فيها ثلاثة جذاع, وثلاث حقاق, وثلاث بنات لبنون, وثلاثة بني لبون, وثلاثة بنات مخاض, وعلى غير هذا فيما زاد ونقص فيما يقدر من ديات الأعضاء والأطراف.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وفي المأمومة ثلث النفس وهي التي تخرق إلي جلد الدماغ".
قال في الحاوي: أما المأمومة فهي الواصلة إلي أم الرأس, وأم الرأس هي الغشاوة المحيطة بمخ الدماغ وتسمى الأمة. وأما الدامغة فهي التي خرقت غشاوة الدماغ حتى وصلت إلي مخه, وفيها جميعًا قلق الدية لا تفضل دية الدامغة على دية المأمومة, وإن كنت أرى انه يجب تفضيلها بزيادة حكومة في خرق غشاوة الدماغ لأنه وصف زائد على صفة المأمومة وإن لم يحك عن الشافعي. والدليل على أن المأمومة ثلث الدية حديثان:
أحدهما: حديث عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: في الأمة ثلث الدية.
والآخر: حديث عمرو بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في كتابه إلي أهل اليمن, وفي المأمومة ثلث الدية, ولأنها واصلة إلي جوف فأشبهت الجائفة, فلو أراد المجني عليه أن يقتص من الإيضاح سقط من ديتها إذا اقتص دية الموضحة خمس من الإبل وأخذ بالباقي منها وهو ثمانية وعشرون بعيرًا وثلث, فلو شجه رجل موضحة وهشمه ثان بعد الإيضاح ونقله ثالث بعد الهشم وأمه رابع بعد التنقيل كان على الأول دية الموضحة خمس من الإبل وعلى الثاني ما زاد عليها من دية الهاشمة وهي خمس من الإبل, وعلى الثالث ما زاد عليها من دية المنقلة وهي خمس من الإبل, وعلى الرابع ما زاد عليها من دية المأمومة وهي ثمانية عشرًا بعيرًا وثلث, فإن أريد القصاص اقتص من الأول الموضح دون من عداه, وأخذ من كل واحد منهم ما يلزمه من دية جنايته, ولو جرحه في وجنته من وجهه جراحة حرقت الجلد واللحم وهشمت العظم وتنقل العظم إلي أن وصلت إلي الأم أو كانت في إحدى الحصتين فخرقت كذلك حتى وصلت إلي الفم ففيها قولان حكاهما