أبو حامد المروزي في جامعه.
أحدهما: أنها مأمومة يجب فيها ثلث الدية, ويكون وصولها إلي الفم كوصولها إلي الدماغ لأنها عملت عمل المأمومة.
والقول الثاني: أنه يجب فيها دية منتقلة وزيادة حكومة في وصولها إلي الفم لا يبلغ بها دية المأمومة, لأن وصول المأمومة إلي الدماغ أخوف على النفس من وصولها إلي الفم فلم يبلغ بدية ما قل خوفه دية ما هو أخوف.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولم أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم فيما دون الموضحة بشيء ففيما دونها حكومة لا يبلغ بها قدر موضحة وإن كان الشين أكثر".
قال في الحاوي: قد ذكرنا شجاج الرأٍس قبل الموضحة وأنها ست الحارصة: وهي التي تشق الجلد, ثم الدامية, وهي التي يدمى بها موضع الشق, ثم الدامغة, وهي التي يدمغ منها الدم, ثم الباضعة وهي التي تبضع اللحم فتشقه, ثم المتلاحمة وهي التي تمور في اللهم حتى تنزل فيه وقد تسمى البازلة, ومنهم من جعل البازلة شجة زائدة بين الباضعة والمتلاحمة فيجعل ما قبل الموضحة سبعًا, ثم السمحاق, وهي التي تمور جميع اللحم حتى تصل إلي سمحاق الرأس وهي جلدة تغشى عظم الدماغ ويسميها أهل المدينة الملطاة, ومنهم من جعلها بين المتلاحمة والسمحاق فيجعل شجاج ما قبل الموضحة ثمانيًا, ولا أعرف لهذه الملطاة حدًا يزيد على المتلاحمة وتنفص عن السمحاق فيصير وسطًا بينهما, وليس في جميع هذه الشجاج التي قبل الموضحة أرش مقدر بالنص, وأول الشجاج التي ورد النص بتقدير أرشها الموضحة لانتهائها إلي حد مقدر فصار أرشها مقدرًا كالأطراف, وإذا لم يتقدر أرش ما قبل الموضحة نصًا فقد اختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أوجه:
أحدها: وهو الظاهر من نصوص الشافعي, وقول جمهور أصحابه: أن فيها حكومة يختلف قدرها باختلاف شينها تتقدر بالاجتهاد ولا يصير ما قدره الاجتهاد ولا يصير ما قدره الاجتهاد فيها مقدرًا معتبرًا في غيرها, لجواز زيادة الشين ونقصانه, فإذا أفضى الاجتهاد في حكومة أرشها إلي مقدر ينقص من دية الموضحة على ما سنصفه من صفة الاجتهاد أوجبنا جميعه, وإن زاد على دية الموضحة أو ساواها لم يحكم بجميعه ونقص من دية الموضحة بحسب ما يؤديه الاجتهاد إليه لأن شينها لو كان من موضحة فلم يزد على ديتها, فإذا كان فيما دون الموضحة وجب أن ينقص من ديتها. فإن قيل: فقد يجب فيما دون النفس أكثر من الدية, وإن لم يجب في النفس إلا الدية فهلا وجب فيما دون الموضحة بحسب الشين أكثر مما يجب في الموضحة. قيل: لأن ما دون الموضحة بعض