اليد بالشلل سواء, فلو قطعت الأذن بعد استحشافها كان على قولين:
أحدهما: فيهما حكومة إذا قيل في استحشافهما الدية كاليد الشلاء إذا قطعت.
والقول الثاني: فيها الدية إذا قيل في الاستكشاف حكومة, ولا يجتمع فيها ديتان إحداهما بالاستحشاف, والأخرى بالقطع, ولا حكومتان ويجتمع فيهما دية وحكومة, فإن أوجبت الدية في الاستحشاف كانت الدية في القطع.
وذهب بعض أصحابنا إلي أنه لا يجب في الحالين إلا حكومة إحداهما بالاستحشاف والأخرى بالقطع, تستوفي بالحكومة جميع الدية لا يجوز نقصانها, ويجوز زيادتها, وهذا فاسد, لأنه لا بد أن يجري على إحدى الحكومتين: حكم الجناية على الصحة, وذلك موجب لكمال الدية.
فأما إذا جني على أذنه فاسود لونها ففيها حكومة كما لو جني على يده لأن سواد اللون في الأبيض شين, وكذلك بياض اللون في الأسود شين, والحكومة في الحالين واجبة, وإن كانت المنافع باقية.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وفي السمع الدية ويتغفل ويصاب به فإن أجاب عرف أنه يسمع ولم يقبل منه قوله, وإن لم يجب عند غفلاته, ولم يفزع إذا صيح به حلف لقد ذهب سمعه وأخذ الدية".
وروي أن رجلًا رمى رأس رجل بخحر في زمان عمر فأذهب سمعه وعقله ولسانه, وذكره, فقضى عليه عمر بأربع ديات, ولأن السمع من أشرف الحواس فأشبه حاسة البصر واختلف في أيهما أفضل؟ فقال يوم: حاسة البصر أفضل, لأن به تدرك الأعمال, وقال آخرون: حاسة السمع أفضل, لأن به يدرك الفهم, وقذ ذكرهما الله تعالى في كتابه فقرنه بذهاب البصر, لأن بذهاب البصر فقد النظر وبذهابه السمع فقد العقل, فقال تعالى في البصر: {ومِنْهُم مَّن يَنظُرُ إلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي العُمْيَ ولَوْ كَانُوا لا يُبْصِرُونَ} يونس 43 وقال في السمع: {ومِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ ولَوْ كَانُوا لا يَعْقِلُونَ} يونس 42.