أصحابنا, لأن الجائفة ما وصلت إلي الجوف, والنافذة خارجة منه فكانت أقل من الجائفة, وهذا خطأ, لما روى عن أبي بكر-رضي الله عنه-أنه قضى على رجل رمى رجلًا بسهم فأنفذه بثلثي الدية ولم يظهر له مخالف فكان إجماعًا, ولأن ما خرق حجاب الجوف كان جائفة كالداخلة, فإن قطع سهم النافذة بنفوذه في الجوف بعض جشوته كان عليه مع دية الجائفتين حكومة فيما قطع من حشوته.
مسألة:
قال الشافعي- رضي الله عنه-"وفي الأذنين الدية".
قال في الحاوي: وقال مالك: فيهما حكومة لاختصاصهما بالجمال دون المنفعة فكانا كاليدين الشلاوين, وهذا فاسد, لرواية عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في كتابه إلي أهل اليمن: "وفي الأذنين الدية" ولأنهما عضوان يجتمع فيهما منفعة وجمال فوجب أن تكمل فيهما الدية كاليدين والرجلين, فإن قيل: المنفعة فيهما مفقودة. قيل: إن منفعتهما موجودة, لأن الله تعالى ما خلق الأعضاء عبثًا ولا قدرها إلا لحكمة ومنفعة, ومنفعة الأذن جمع الصوت حتى يلج إليها فيصل إلي السمع, وهذا أكبر المنافع.
فصل:
فإذا ثبت وجوب الدية فيهما فتكمل الدية إذا استوصلنا صغرت الأذنان أو كبرتا, والمثقوبة وذات الخرم مساوية لغير ذات الثقب والخرم إذا لم يذهب شيء من الأذن بالثقب والخرم, فإن أذهب شيئًا منها سقط من ديتها بقدر الذاهب, وإذا قطع إحدى الأذنين كان فيها نصف الدية يمنى كانت أو يسرى كاليدين, فإن قطع بعض أذنه كان عليه من ديتها بقسط ما قطع منها من ربع أو ثلث أو نصف سواء قطع من أعلى أو أسفل, ولا اعتبار بزيادة الجمال والمنفعة في أحد النصفين كما تستوي ديات الأصابع والأسنان مع اختلاف منافعهما وسواء قطع أذن سميع أو أصم, لأن محل السمع في الصماخ لا في الأذن, لبقاء السمع بعد قطعهما, وخالف حلول البصر في العين وحلول حركة الكلام من اللسان.
فصل:
وإذا جني على أذنيه فاستحشفتا وصار بهما من اليبس وعدم الألم ما باليدين من الشلل ففيه قولان:
أحدهما: عليه الدية كاملة كما يلزمه في شلل اليدين الدية.
والقول الثاني: عليه حكومة, لبقاء منافعهما بعد الشلل والاستحشاف (وعدم) منافع