قدر سمعها تصم ذات الجناية وسدها وإطلاق السليمة, وأن ينادي من بعد فإذا سمع الصوت بعد المنادي حتى ينتهي إلي أقصر غاية يسمع صوته فيها, ثم صمت السمعية وفتحت ذات الجناية, ونودي من ذلك المكان بمثل ذلك الصوت فإن سمعه كان سمعهما باقيًا بحاله, وإن لم يسمعه قرب المنادي منه حتى ينتهي إلي حيث يسمع صوته, ويعتبر ما بين المسافتين بعد أن يفعل ذلك دفعًا يزول معها التصنع ويتفق فيها النداء, فإن اختلف عمل على أقل الوجوب, فإن كان بين مسافتي السمعية وذات الوقر النصف كان عليه ربع الدية, لأن قد أذهب ربع سمعه, وإن كان الثلث كان عليه سدس الدية.
فصل:
فإن ادعى المجني عليه وقرًا في أذنيه معًا ذهب بعض سمعه منها, فإن كان يعلم مدى سماعه قبل وقت الجنية, اعتبر مدى سماعه بعد الجناية, واستحق من دية السمع بقدر ما بين المسافتين من ربع أو ثلث أو نصف وإن لم يعلم مدى سماعه في حال الصحة فلا سبيل إلي تحقيق المستحق من الدية ويعطى في الذاهب منه حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده, فلو قال المجني عليه: أنا أعرف قدر ما ذهب من سمعي, وهو النصف, أحلف على دعواه وحكم بقوله لأنه لا يوصل إلي معرفة إلا من جهته فقبل قوله فيه مع يمينه كما يقبل قول المرأة في حيضها, ولو ادعى الجاني عود السمع بعد ذهابه وأنكر المجني عليه عوده كان القول مع يمينه, وهو على حقه من الدية, فإن مات قبل اليمين فلا يمين له على الورثة إن لم يدع علمهم, وإن ادعاه أحلفهم بالله ما يعلمون سمع بعد ذهاب سمعه.
فصل:
وإذا قطع أذنيه فذهب بقطعهما سمعه لزمته ديتان:
أحداهما: في الأذنين.
والأخرى: في السمع, لأنها جناية على محلين فصارت كالجناية على عضوين, وخالف قلع العين إذا ذهب ضوؤها فلم يتلزمه إلا دية واحدة, لأن محل الضوء في العين, ومحل السمع في غير الأذن ولذلك كملت الدية في أذن الأصم والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وفي ذهاب العقل الدية".
قال في الحاوي: إذا جني عليه فأذهب عقله ضمنه بالدية دون القود, وإنما سقط القود فيه لأمرين: