عليه بالقود أو الدية. وإن صدق الأول أن بصره عاد قبل جناية الثاني برئ الأول من القود والدية بتصديقه, ولم يقبل قوله على الثاني, وصارت عينه هدرًا, لأنه قد استأنف بتصديق الأول دعوى على الثاني وشهادة للأول فلم تقبل دعواه على الثاني, ولم يستمع شهادته للأول لما فيها من اجتلاب النفع, ولم لم يجن عليه ثان, ولكن مات قبل انقضاء السنة كان الجاني مأخوذًا بالقود الودية, لأنه أذهب بصرًا لم يعد, وفي سن من لم يثغر إذا قلعت فقد عودها إلي مدة مات قبلها قولان:
أحدهما: لا يجب فيه الدية, لأن الظاهر عودها في المدة لو عاش إليها فعلى هذا القول اختلف أصحابنا في تخريجه في العين على وجهين:
أحدهما: يجيء تخريج قول ثان في العين أنه لا يلزمه القود ولا الدية وتلزمه حكومة كموته في مدة السن.
والوجه الثاني: لا يجيء تخريج هذا القول في العين وإن خرج في السن لما قدمناه من الفرق بين السن والعين, فلو اختلف الحاني ووليه بعد موته.
فقال الجاني: عاد بصره قبل الموت, وقال الولي: لم يعد. فالقول قول الولي مع يمينه أن بصره لم يعد, ويكون الجاني مأخوذًا بالقود أو الدية, فإن نكل الولي حلف الجاني وبريء منهما, ولو لم يذهب بصر المجني عليه في حال الجناية, وذهب بعدها نظر, فإن كان لم يزل عليل العين أو شديد الألم إلي أن ذهب بصره فالظاهر ذهابه من الجناية فيكون الجاني مأخوذًا بالقود فيه أو الدية كالمجروح إذا لم يزل صبيًا حتى مات, وإن برأت عينه وزال ألمها, ثم ذهب بصرها, كان ذاهبًا من غير الجناية في الظاهر, فلا يلزمه قود ولا دية, وللمجني عليه الإحلاف بالله لقد ذهب البصر من غير جناية إن ادعى ذهابه منها.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "فإن نقصت إحداهما عن الأخرى اختبرته بأن أعصب عينه العليلة وأطلق الصحيح وأنصب له شخصًا على ربوة أو مستوى فإذا أثبته بعدته حتى ينتهي بصرها ثم أذرع بينهما وأطيع على قدر ما نقصت عن الصحيحة".
قال في الحاوي: وصورتها: أن يجني على إحدى عينيه فيذهب ببعض بصرها فيمكن أن يختبر قدر الذاهب منها بما وصفه الشافعي من تعصيب عينه العليلة وإطلاق الصحيحة, ونصب شخص له من بعد على ربوة مرتفعة أو في أرض مستوية, فإذا رأي الشخص بوعد منه حتى ينتهي إلي أبعد مدى رؤيته الذي لا يراه أبعدها, واختبر صدق في مدى الرؤية الصحيحة بأن يعاد الشخص من جهات شتى, ولو ضم إلي الشخص بعد مدى