ومنافعها, ومن كل سن منها خمس من الإبل, تستوي فيه الثنية والضرس والناب والناجز, وحكي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه جعل فيما ظهر من أسنان الفم بالكلام والأكل خمسًا من الإبل في كل سن, وجعل فيما غاب من الأضراس بعيرين في كل ضرس, وقيل: بعيرًا, لأن مقاديم الأسنان تشارك مواخيرها في المنفعة وتختص بالجمال, فيفضل بين دياتها, واختلف عنه في مفاضلة ديات الأصابع, فروي عنه أنه فاضل بينهما كالأسنان, وروي أنه سوى بينهما وإن فاضل بين الأسنان, واختلف عنه هل رجع عن هذا التفاضل أم لا؟ فحكى قوم أنه رجع عنه, وحكى آخرون أنه لم يرجع, وقد أخذ بما قاله عمر - رضي الله عنه - قوم من شواذ الفقهاء لقضائه بذلك في إمامته وهذا فاسد من وجهين:
أحدهما: عموم النص من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "في كل سن خمس من الإبل" وهو اسم يعم كل سن ولأن اختلاف المنافع غير معتبر فيما تقدرت دياته من وجهين:
أحدهما: أن منافع الميمان من الأعضاء أكثر من منافع مياسرها تساوي دياتها.
والثاني: أن منافعها تختلف بالصغر والكبر, والقوة والضعف, ودياتها مع اختلاف منافعها سواء, كذلك الأسنان, وعلى أن لكل سنة منفعة ليس لغيره فلم تقم منفعة الثنية مقام منفعة الضرس.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "فإن نبتت سن رجل قلعت بعد أخذه أرشها قال في موضع: يرد ما أخذ وقال في موضع آخر: لا يرد شيئًا, قال المزني - رحمه الله - هذا أقيس في معناه عندي لأنه لم ينتظر بسن الرجل كما انتظر بسن من لم يثغر هل تنبن أم لا؟ فدل ذلك عندي من قوله: إن عقلها أو القوم منها قم تم, ولولا ذلك لانتظر كما لم يرد شيئًا ولو قطعه آخر ففيه الأرش تامًا ومن أصل قوله أن الحكم على الأسماء.
قال المزني: وكذلك السن في القياس نبتت أو لم تنبت سواء إلا أن تكون في الصغير إذا نبتت لم يكن لها عقل أصلًا فيترك له القياس".
قال في الحاوي: وقد تقدمت هذه المسألة وقلنا: إن سن المثغور إذا قلعت لم ينتظر عودها, وقضى له بقودها أو ديتها؛ لأنها لا تعود في الأغلب بخلاف الصغير الذي تعود سنه في الأغلب, فلو عادت سن المثغور بعد أخذ ديتها ففي وجوب ردها قولان:
أحدهما: يجب ردها كالصغير, إذا عادت سنة فعلى هذا هل يبقى منها شيء للألم وسيلان الدم أم لا؟ على وجهين ابن أبي هريرة: