أحدهما: يرد الكل ولا يبقى شيء منها وهو الظاهر من كلام الشافعي ها هنا.
والوجه الثاني: يبقى منها قدر حكومة الألم وسيلان الدم ويرد ما سواه.
والقول الثاني: اختاره المزني أن المثغور لا يرد ما أخذه من الدية لقود سنه, لأمرن ذكرهما المزني:
أحدهما: أنه لما لم ينتظر بالدية عود سنه لم يلزمه ردها بعوده.
والثاني: أن دية اللسان لما لم يلزم ردها بعد نباته لم يلزم رد دية السن بعد عوده, وكلا الأمرين معلول, أما الأول في ترك الانتظار فلأن المعتبر في الجنايات الأغلب من أحوالهما دون النادر, والأغلب من سن المثغور أن لا تعود, ومن سن الصغير أن تعود فانتظر بالصغير ولم ينتظر بالمثغور, وأما نبات اللسان فهو أكثر ندورًا وأبعد وجودًا.
قال أبو علي عن بن أبي هريرة: وقد كنا ننكر على المزني حتى وجدنا في زماننا رجلًا من أولاد الخلفاء قطع لسانه فنبت فعلمنا أن مثله قد يكون, وإذا كان كذلك فالحكم من نبات اللسان محمول على عود اللسان, فإن قيل: إن عود السن لا يوجب رد ديتها, فأولى أن يكون نبات اللسان لا يوجب رد دينه, وإن قيل: إن عود السن يوجب رد ديته فقد اختلف أصحابنا من عود اللسان هل يوجب رد ديته أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي: يوجب نبات اللسان رد ديته كما أوجب عود السن رد ديتها, فسوى بينهما وأسقط استدلال المزني, فعلى هذا يستبقى قدر الحكومة من قطع الأول وجهًا واحدًا ورد ما زاد عليها.
والوجه الثاني: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة: لا ترد دية اللسان وإن رد دية السن, والفرق بينهما أنه في جنس السن ما يعود في الغالب فألحق به النادر, وليس في جنس اللسان ما يعود فصار جميعه نادرًا, ولذلك وقف سن الصغير دون الكبير, ولم يوقف لسان الصغير والكبير فافترقا والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "والأسنان العليا في عظم الرأس والسفلى في اللحيين ملتصقتين ففي اللحيين الدية وفي كل سنة من أسنانها خمس من الإبل".
قال في الحاوي: أما أسنان الفم فأعلاها عظم الرأس وأسفلها في اللحيين واللحيان يجتمع مقدمها في الذقن ومؤخرهما في الأذن, فإن قلع الأسنان مع بقاء اللحيين كان في كل سن منها خمس من الإبل إذا لم ترد على العشرين سنًا, ويستكمل في العشرين دية كاملة, وإن زادت على العشرين وبلغت اثنين وثلاثين سنًا وهي غاية الأسنان المعهودة, فإن قلعها واحدًا بعد واحد كان في كل واحد منها خمس من الإبل, فيجتمع