في جميعها مائة وستون بعيرًا, وإن قلع جميعها دفعة واحدة ففيه وجهان:
أحدهما: يجب فيها كمال الدية ولا يزاد عليها, لأن ما يجانس في البدن من ذوات الأعداد لم تجب فيه أكثر من الدية كسائر الأعضاء والأطراف.
والوجه الثاني: أنه يجب في كل سن منهما خمس, وإن زادت على دية النفس؛ لأن لكل سن منها حكمها, وليس بعضها تبعًا لبعض, وكما لو قلعها متفرقًا, فأما اللحيان إذا قلعهما فلا يخلو أن يكون عليهما أسنان أو لا يكون فإن لم يكن عليها أسنان إما من طفل لم تطلع أسنانه أو في شيخ قد سقطت أسنانه ففيها الدية, لما فيها من كثرة الجمال وعظم المنفعة, وأن ذهابها أخوف على النفس وأسلب للمنافع من الأذن, فكان بإيجاب الدية أولى, فإن قلع أحد اللحيين وتماسك الآخر كان عليه نصف الدية, لأنها لما كملت فيها نصفت من أحدهما كاليدين, فأما القود فإن أمكن فيهما أو في أحدهما وجب, وإن تعذر سقط, وإن كان في اللحيين أسنان فمعلوم أنها لا تنبت مع قلعها فعليه دية اللحيين وديات الأسنان, ولا تدخل دياتها في دية اللحيين, فإن قيل: فهلا دخلت ديتها في دية اللحيين لحلولها فيها كما دخلت دية الأصابع في دية اليد, قيل: الفرق بينهما من ثلاثة أوجه:
أحدهما: أن اسم اليد ينطلق على الكف والأصابع ولا ينطلق اسم اللحيين على الأسنان ولا اسم الأسنان على اللحيين.
والثاني: أن اللحيين قد يتكامل خلقهما مع عدم الأسنان في الصغير ويبقيان على كمالهما بعد ذهاب الأسنان من الكبير ولا يكمل خلق اليد إلا مع أصابعها, ولا تكون كاملة بعد ذهابها.
والثالث: أن اللحيين منافع غير حفظ الأسنان, وللأسنان منافع غير منافع اللحيين, فانفرد كل واحد منهما بحكمة وليس كذلك من منافع الكف, لأنه يحفظ الأصابع, فإذا زالت بطلت منافعها فصارت تبعًا لهما فلو جني على لحييه فيبستا حتى لم ينفتحا ولم ينطبقا ضمنهما بالدية كاليد إذا شلت, ولا يضمن دية الأسنان وإن ذهبت منافعها, لأنه لم يجن عليها, وإنما وقف نفعها بذهاب منافع غيرها, نص عليها الشافعي في كتاب "الأم" فلو أعوج اللحيان لجنايته وجب عليه حكومة بحسب شينه وضرره, ولا يبلغ بها الدية إذا كانا ينطبقان وينفتحان.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو ضربها فاسودت ففيها حكومة, وقال في كتاب عقولها ثم عقلها, قال المزني - رحمه الله -: الحكومة أولى؛ لأن منفعتها بالقطع والمضغ ورد الريق وسد موضعها قائمة كما اسود بياض العين لم يكن فيها إلا حكومة؛