لأن منفعتها بالنظر قائمة".
قال في الحاوي: أما إذا ضرب سنه فاصفرت أو اخضرت ففيها حكومة إذا لم يذهب شيء من منافعها وحكومة الخضرة أكثر من حكومة الصفرة؛ لأنها أقبح, فأما إن ضربها فاسودت فقد قال الشافعي ها هنا, فيها حكومة كما لو اصفر أو اخضرت, وقال في كتاب العقل ثم عقلها فاختلف أصحابنا فكان المزني والمتقدمون منهم يخرجون ذلك على اختلاف قولين:
أحدهما: فيها حكومة واختاره المزني, لبقاء منافعها بعد سوادها كما لو جني على عينه فاسود بياضها لبقاء نظرها بعد سواد البياض.
والقول الثاني: فيها الدية تامة, لذهاب جمالها بالسواد, وذهب جمهور أصحابنا ومتأخرون إلى أن ذلك على اختلاف حالين وليس على اختلاف قولين, والمواضع الذي أوجب فيها حكومة إذا كانت باقية المنافع والمواضع الذي أوجب فيها الدية إذا ذهبت منافعها, وهذا أشبه؛ لأنه قد بقي بعد اسودادها أكثر جمالها, وهو سر موضعها فلم يجز أن يجب فيها مع بقاء أكثر جمالها وجميع منافعها دية, فلو قلع سنًا سوداء سئل عنها أهل العلم بها فإن قالوا: اسودادها من غذاء أو طول مكث كملت فيها الدية, وإن قالوا: من مرض كان في كمال ديتها قولان على اختلافهما في السن إذا ذهب بعض منافعها والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وفي اليدين الدية".
قال في الحاوي: وهذا صحيح, وهو نص السنة, وروى معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وفي اليدين دية" ولأنهما من أعظم الأعضاء نفعًا في البطش والعمل, وفي إحدى اليدين نصف الدية لرواية عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في كتابه إلى اليمين: "وفي اليد خمسون من الإبل" وإذا كان كذلك فاليد التي تكمل فيها الدية أن تقطع من مفصل الكف, فإن قطعها من الذراع أو العضد وجب في الكف دية وفيما زاد من الذراع حكومة, فإن زاد إلى العضد كانت الحكومة فيه أكثر, وقال سفيان الثوري: إن قطعها من المرفق فليس عليه إلا دية, وإن زاد على المرفق ففي الزيادة حكومة؛ لأن حكم اليد يستوعبها إلى الذراع ويفارقها بعده كالوضوء.
وقال أبو عبيد بن حربويه من أصحابنا: الاسم يتناولها إلى المنكب وليس عليه إذا