استوعب قطعها إلى المنكب إلا الدية دون الحكومة, لأن عمار بن ياسر تيمم حين أطلق ذكر اليد في التيمم إلى المناكب تعويلًا على مطلق الاسم حتى قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما يكفيك ضربة لوجهك وضربة لذراعك" وكلا المذهبين خطأ لقول الله تعالى: {إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ وأَيْدِيَكُمْ إلَى المَرَافِقِ} المائدة: 6 فلو اقتضى إطلاق اليد إلى المرفق لاقتصر على الإطلاق ولما قيدها بالمرافق, فبطل قول سفيان, ولما جعل المرفق غاية دل على أن حد اليد ما دون الغاية فبطل به قول أبي عبيد؛ ولأن الله تعالى قال: {والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} المائدة: 38 وقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من مفصل الكف دل على أنها هي اليد لغة وشرعًا, ولأن الدية تكمل في الرجل إذا قطعت من مفصل القدم, لأنها تقطع منه في السرقة, كذلك اليد لما قطعت في السرقة من الكف وجب أن يختص بكمال الدية.
فصل:
فإن قطع أصابع الكف كملت فيها دية الكف, لأن ما أبقاه منها بعد قطع الأصابع مسلوب المنفعة, وتكون دية اليد مقسطة على أعداد الأصابع بالسوية, فيجب في كل إصبع عشر من الإبل, لأنها في المعهود تقسطت عليها خمسون فكان قسط كل إصبع منها عشر, ولا يفضل إبهام على خنصر.
وحكي عن عمر - رضي الله عنه - أنه فاضل بين ديات الأصابع في إحدى الروايتين عنه فجعل في الخنصر ستًا, وفي البنصر تسعًا, وفي الوسطى عشرًا, وفي السبابة عشرًا, وفي الإبهام ثلاثة عشر, فقط الخمسين على الأصابع الكف هذا التقسيط المختلف اعتبارًا باختلاف المنافع, ولأن البنصر وراء الخلاف وهو ما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وفي اليدين الدية وفي الرجلين الدية وفي كل إصبع مما هناك عشر من الإبل", وروى أوس بن مسروق عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والأصابع سواء".
قال شعبة: قلت لغالب التمار حين روى ذلك عن أوس بن مسروق عشرًا عشرًا؟ قال: نعم, وروى يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأصابع سواء والأسنان سواء" وهذه نصوص لا يجوز خلافها, ولأنه لو جاز أن