الجماع حلف الجاني ولم يلزم الدية, وإن قالوا: يجوز أن يذهب منه الجماع حلف المجني عليه واستحق الدية, ولو كسر صلبه فأذهب مشيه وجماعه معًا ففيه وجهان:
أحدهما: لا يلزمه إلا دية واحدة, لأنهما منفعة عضو واحد, حكاه أبو حامد الإسفراييني,
والوجه الثاني: تلزمه ديتان وهو الظاهر من مذهب الشافعي, لأنهما منفعتان في محلين فلزمت فيهما ديتان, وإن كانت الجناية على محل واحد, كما لو قطع أذنه فذهب سمعه, أو جدع أنفه فذهب شمه.
فصل:
ولو جني عليه فالتوت عنقه وانعطف وجهه فصار كالملتفت وجهه وجبت فيه حكومة بحسب الشين والألم لا تبلغ بها الدية, لبقاء بعض المنافع ولو كان وجهه بعد الجناية على استقامته لكنه لا يقدر على الالتفات به كانت فيه حكومة الوجه دية ما ذهب من الكلام, فإن أذهب جميع كلامه بالتواء عنقه كملت دية الكلام وزيد في حكومة الالتواء, فإن كان لا يقدر على مضغ الطعام إلا بشدة ضم إلى ذلك حكومة في نقصان المضغ, فإن كان لا ينساغ الطعام ولا يصل إلى جوفه بوجور ولا غيره قيل: هذا لا يعيش ولا ينتظر به؛ فإن مات وجبت ديته.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ودية المرأة وجراحها على النصف من دية الرجل فيما قل أو كثر".
قال في الحاوي: دية المرأة في نفسها على النصف من دية الرجل وهو قول الجمهور, وقال الأصم وابن علية ديتها كدية الرجل لأمرين:
أجدهما: أن تساويهما في القصاص يوجب تساويهما في الدية.
والثاني: أن استواء الغرة في الجنين الذكر والأنثى يوجب تساوي الدية في الرجل والمرأة, لأن الغرة أحد الديتين.
والدليل على صحة ما ذهب إليه الجمهور رواية معاذ بن جبل, وعمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ودية المرأة على النصف من دية الرجل", وهذا نص ولأنه قول