بالمسلم مع الكافر, ولأنه لما كان القصاص فيما دون النفس معتبرًا بالقصاص في النفس وجب أن تكون الدية فيما دون النفس معتبرة بدية النفس وهي فيه على النصف فكذلك فيما دونها.
وأما الجواب عن حديث عمرو بن شعيب فلم يسنده, لأن جده محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص لا صحبة له, وإنما يكون مسندًا إذا رواه عن جده عبد الله بن عمرو, ولأنه هو الصحابي وقد قال الشافعي: "لم أجد له نفاذًا" يعني طريقًا لصحبته, وأما الميراث فقد تكون فيه على النصف من الرجل فيما نقص من الثلث عند مقاسمة الإخوة, وإنما ساوت ولد الأم؛ لأن الإدلاء فيه بالرحم الذي يوجب تساوي الذكور والإناث فيه كفرض الأبوين, فإن تكن العلة فيه تقديره فلم يجز أن يحصل اختلاف والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وفي ثدييها ديتها".
قال في الحاوي: وهذا صحيح؛ لأن في الثديين جمالًا ومنفعة فصارا في الدية كاليدين وسواء كانا كبيرين أو صغيرين, من كبيرة أو صغيرة, نزل فيهما لبن أو لم ينزل, فإن قطعهما وأجاف ما تحتهما كان عليه الدية فيهما وأرش جائفتين تحتهما, ولو ضربهما فاستحشفتا ويبسا حتى صارا لا يألمان فهذا شلل, وفيها الدية كاملة؛ لأنه قد أبطل منافعهما وإن بقي الجمال فيهما, كما لو أشل يده, ولو ضربهما فذهبا مع بقاء الألم فيهما ففيهما حكومة, ولو ضربها فذهب لبنها فقد يجوز أن يكون ذهابه من الضرب ويجوز أن يكون من غيره فيسأل أهل العلم به, فإن قالوا: إن من الضرب كان فيه حكومة, وإن قالوا: من غيره فلا شيء عليه فيه, ولو قطع إحدى الثديين كان فيه نصف الدية كإحدى اليدين, وكذلك لو ضربه فشل.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وفي حلمتيها ديتها لأن فيهما منفعة الرضاع".
قال في الحاوي: وهذا صحيح؛ لأن جمال الثدي ومنفعته بالحلمة كما أن منفعة اليد بالأصابع, فإذا قطع الحلمتين كان فيهما الدية كاملة كما تكمل الدية بقطع الأصابع, فإن عاد أو غيره فقطع ما بقي من الثديين بعد قطع الحلمتين كان في بقيتهما حكومة كما يجب في قطع الكف بعد قطع أصابعها حكومة, وكذلك إذا استحشفت الحلمتان بجنايته كملت ديتها لذهاب منافعهما, فإن قطع إحدى الحلمتين أو أحشفهما كان فيها نصف الدية, ولو قطع بعض أجزائها كان فيه من الدية بقسطه, وهل يعتبر قسط المقطوع من نفس الحلمة أو من جميع الثدي على قولين من اختلاف قوليه في قطع بعض حشفة الذكر