أذهب من منافعهما ما لم يذهب استحشاف الأذن, ولو قطع إحدى الإسكتين كان فيه نصف الدية كما لو قطع إحدى الشفتين, فأما الركب فهو بمنزلة العانة من الرجل, ومن قطعه من المرأة حكومة لا يبلغ بهما الدية, فإن قطعه مع الشفرين فعليه دية في الشفرين وحكومة في الركب والمخفوضة وغيرها سواء, والخفض قطع جلدة نابتة في أعلى الفرج مثل عرف الديك, وهي التي ورد الشرع بأخذها من النساء كالختان في الرجال, ولا شيء فيها إن قطعت بجناية من دية ولا حكومة لورود الشرع بأخذها تعبدًا, وإن كان يأخذها متعديًا إلا أن تسري فيضمن أرش سرايتها لتعديه.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو أفضى ثيبًا كان عليه ديتها ومهر مثلها بوطئه إياها".
قال في الحاوي: أما إفضاء المرأة فقد اختلف أصحابنا فيه فذهب أبو علي بن أبي هريرة وجمهور المصريين إلى أنه هتك الحاجز الذي بين سبيل الفرجين القبل والدبر, وذهب أبو حامد الإسفراييني وجمهور البغداديين إلى أنه هتك الحاجز الذي في الفرج بين مدخل الذكر ومخرج البول, وهذا قول أبي حنيفة, والأول أظهر, لأن خرق الحاجز الذي في القبل بن مدخل الذكر ومخرج البول, هو استهلاك لبعض منافعه وليس في أعضاء الجسد ما تكمل الدية في بعض منافعه, وإذا خرق ما بين السبيلين كان استهلاكًا لجميع المنافع فكان بكمال الدية أحق, فإن قيل بهذا أنه خرق ما بين السبيلين كان على خرق الحاجز الذي في القبل حكومة, وإن قيل: إنه خرق حاجز القبل كان خرق ما بين السبيلين أولى بوجوب الدية, فإذا ثبت هذا فالإفضاء مضمون بالدية الكاملة وإن كان البول معه مستمسكًا, فإن استرسل البول ولم يستمسك وجب مع دية الإفضاء حكومة في استرسال البول, وقال أبو حنيفة إن استرسل البول بالإفضاء ففيه الدية التامة وحدها من غير حكومة, وإن استمسك البول ففي الإفضاء ثلث الدية, واستدل على أنه لا حكومة عليه مع استرسال البول بأن ما ضمن إتلافه بالدية دخل غرم منافعه في ديته, كما لو قطع لسانه فأذهب كلامه, أو فقأ عينه فأذهب بصره, واستدل على أن فيه مع استمساك البول ثلث الدية بأنه ليس هتك هذا الحاجز بأعظم من حاجز الجائفة فلما وجبت في الجائفة ثلث الدية كان أولى أن لا يجب في الإفضاء أكثر من ثلث الدية, وتقدر بثلث الدية, لأنهما معًا هتك حاجز في جوف, والدليل على أن في استرسال البول حكومة زائدة على دية الإفضاء لما جاز أن يستمسك البول مع وجود الإفضاء, وجاز أن يسترسل علم أنه في غير محل الإفضاء, فصار من منافع غيره, فوجب أن يكون أرشه زائدًا على أرش الإفضاء, كما لو قطع أذنه فأذهب سمعه أو جذع أنفه فأذهب شمه لزمه غرمها, وخالف