شينها دية الموضحة ووجب أن ينقص منها ما يؤدي إليه الاجتهاد, وكذلك لا يبلغ بالحكومة على الكف دية الكف, ولا بالحكومة على الإصبع دية الإصبع, ولا بالحكومة على الأنملة دية الأنملة, وهو معنى قول الشافعي في الجراح: على قدر ديتها, وتأوله بعض أصحابنا أنه يعتبر نقص الحكومة من دية العضو لا من دية النفس, وهو قول من قدمنا مذهبه في اعتبار الحكومة, وقد أبطلناه بما ذكرناه, ثم قال الشافعي: "والمرأة منهم وجراحها على النصف من دية الرجل فيما قل أو كثر", يعني أن دية شجاج المرأة وجراحها وأطرافها على النصف من دية الرجل, لأن ديتها نصف دية الرجل, فيجب في موضحتها بعيران ونصف, وفي هاشمتها خمس, فأما حكومتها فهي معتبرة من ديتها, وديتها على النصف فأغنى ذلك عن تنصيف الحكومة.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "وفي الجراح في غير الوجه والرأس بقدر الشين الباقي بعد التئامه لا يبلغ بها الدية إن كان حرًا ولا ثمنه إن كان عبدًا, ولأنه ليس في الجسد قدر معلوم سوى الجائفة".
قال في الحاوي: وهذا صحيح, لأن ما اقتضاه التعليل المتقدم من تغليظ شجاج الرأس, والوجه على جراح الجسد يوجب اعتبار حكوماتها بحال الشين بعد الاندمال, ولا يعتبر فيها أغلظ الأمرين, وإذا كان كذلك لم يخل حال الجراح في الجسد من أن تكون على عضو أو في البدن, فإن كانت على عضو اعتبر في حكومتها حال الشين بعد الاندمال, فقوم سليمًا وشائنًا ووجب بقسط ما بينهما من دية الحر وقيمة العيد إلا أن تزيد على دية العضو فينقص منها قدر ما يؤدي الاجتهاد إليه, وإن كانت على البدن كالظهر والبطن والصدر ففيه وجهان:
أحدهما: وهو الظاهر من منصوص الشافعي: أنه يعتبر حكومة الشين ما لم تبلغ دية النفس, فإن بلغها نقص منها ولا اعتبار بدية الجائفة.
والوجه الثاني: أنه يعتبر حكومة الشين ما لم تبلغ دية الجائفة, فإذا بلغها نقص فيها ما يؤدي الاجتهاد إليه, لأنها المقدر في جراح الجسد فأشبهت الموضحة في شجاج الرأس, وقد يمكن أن يفضل بين الموضحة مع ما تقدمها وبين الجائفة مع غيرها أن ما تقدم الموضحة بعض الموضحة فلم يبلغ ديتها, وغير الجائفة قد لا يكون بعضها لما فيه من كسر عظم وإتلاف لحم, فجاز أن تزيد حكومتها على ديتها وهو الأصح, فإن لم يكن للشين بعد اندماله أثر ولا للحكومة فيه قدر ففيه وجهان ذكرناهما من قبل:
أحدهما: وهو قول أبي العباس بن سريج, تكون هدرًا.