والثاني: وهو قول أبي اسحاق المروزي: يعتبر ما قبل الاندمال ولا يقدر مع حال الألم وإراقة الدم, فيعتبر ما قبل الاندمال حالًا قبل حال حتى يبلغ إلى وقت الجرح وسيلان الدم للضرورة, كما يلزم في حمل الأمة إذا أعتق بوطء شبهة أن يعتبر قيمته بعد ظهوره لما تقدرت قيمته عند علوقه والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ودية النصراني واليهودي ثلث الدية واحتج في ذلك بعمر وعثمان - رضي الله عنهما".
قال في الحاوي: اختلف الفقهاء في دية اليهودي والنصراني من أهل الذمة والمعاهدين على أربعة مذاهب:
أحدهما: وهو مذهب أبي حنيفة: أنها كدية المسلم سواء وبه قال من الصحابة: ابن مسعود, ومن التابعين: الزهري, ومن الفقهاء: الثوري وأبو يوسف ومحمد.
والثاني: وهو مذهب مالك أنها نصف دية المسلم, وبه قال عمر بن عبد العزيز وعروة بن الزبير.
والثالث: وهو مذهب أحمد بن حنبل: إن قتل عمدًا فمثل دية المسلم كقول أبي حنيفة, وإن قتل خطأ فنصف دية المسلم كقول مالك.
والرابع: وهو مذهب الشافعي: أن ديته دية المسلم في العمد والخطأ, وبه قال من الصحابة عمر وعثمان - رضي الله عنهما - ومن التابعين: سعيد بن المسيب, وعطاء, من الفقهاء: أبو ثور وإسحاق بن راهويه, واستدل أبو حنيفة على أن ديته مثل دية المسلم بقوله تعالى: {وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} النساء: 92 , ثم قال تعالى: {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} النساء: 92 فلما أطلق ذكر الدية فيها دل على تساويهما, وبرواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دية اليهودي والنصراني مثل نصف دية المسلم" وهذا نص وروي مقسم عن ابن عباس أن عمرو بن أمية الضمري قتل كافرين لهما أمان ولم يعلم بأمانهما فوداهما رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده بدين حرين مسلمين, ولأنه حر محقوق الدم على التأييد فوجب أن تكون ديته كاملة كالمسلم, ولأن الحر مضمون يضمن بالدية والعبد يضمن بالقيمة, فلما كملت قيمة العبد مسلمًا كان