الموضع، موضع ذكر غير القراءة". وقال: وكذلك لو أطال القيام ينوي به القنوت كان عليه سجود السهو، لأن القنوت عمل معدود من عمل الصلاة، فإذا عمله في غير موضعه أوجب سجدتي السهو.
وقوله: (عمل معدود)، ومعناه معتد، مقصود، وعلى هذا يجب إذا قرأ في موضع التشهد أو تشهد في موضع القراءة أو فعل ذلك في الركوع والسجود أن يسجد سجدتي السهو، لأن علة الشافعي تقتضيه، 152 ب / 2 ولا فرق بين الاثنين.
وقال صاحب "الإفصاح": "يحتمل أن يفرق بينهما"، وذكر شيئاً لا يتبين ويخالف أيضاً تعليل الشافعي. وأما قول الشافعي: "ولا سجود إلا في عمل البدن"، قد قيل: فيه خلل من المزني، لأن سجود السهو يجب في غير عمل البدن على ما ذكرنا، وإنما قال الشافعي: "فلا سجود في التفكر، وإنما السجود في العمل"، يعني: إذا انضم العمل إلى التفكر يجب السجود، ولا سجود بمجرد التفكر، وإنما ذكره عقيب مسألة، وهي أنه لو قعد للتشهد فظن أنها الركعة الرابعة، ثم تذكر أنها الثانية، فأتم صلاته، فلا يلزمه سجود السهو لأنه فكر، وقيل: أراد به سجود السهو في عامة الصلاة ليس إلا في عمل البدن، ولكنه يجوز أن تجب في غيره أحياناً. وقيل: معناه إلا في عمل البدن أو ذكر، قصد له العمل، فالتشهد الأول والقنوت مقصودان، ولا يفعل لغيرهما على وجه الهيئة له، أو التبع.
وهذا شرع لهما محل مختص بهما يسقط بسقوطهما بخلاف دعاء الافتتاح، فإنه يراد للافتتاح، وقراءة السورة تبع للفاتحة في محلها، والتكبيرات هيئات للرفع، والخفض والتسبيحات هيئات للركوع والسجود تسقط بسقوط محلها، فلا سجود لها لهذا المعنى.
وقال القاضي الطبري: خبر الباب عندي أن السهو الذي يقتضي السجود ضربان: نقصان وزيادة، فالنقصان: بترك كل مسنون مقصود في نفسه، ومعناه أن محله قدر به، وهو التشهد الأول ونحوه، والزيادة: ضربان متحققة ومتوهمة، فالمتوهمة ما ذكرنا، والمتحققة ضربان: ضرب من غير جنس الصلاة ككلام الآدميين، وضرب من جنس الصلاة كالقيام في موضع القعود والسلام ونحو ذلك.
وقد قال الشافعي: "لو نوى المسافر القصر، ثم نسي وأتتها أربعاً سجد سجدتي السهو"، وهذا قيام في موضع السلام، هذا هو المذهب الصحيح 153 أ / 2 في "الجديد".
وقال أبو إسحق: قال في "القديم": "يسجد لكل مسنون تركه في الصلاة، وهكذا إذا أسر فيما يجهر به، أو جهر فيما يسر به"، وهذا قول مالك حتى يقول: "لو ترك سمع الله لمن حمده عند الرفع من الركوع سجد فيه"، هذا قول مرجوع عنه.