كاملة، ولا يمين على الضارب، لأن وجوب الدية على العاقلة المعترفة بها.
والثالث: أن يعترف الضارب بحياة الجنين وتنكرها العاقلة فلا تلزم العاقلة ما اعترف به الجاني لما قدمناه من قول النبي صل الله عليه وسلم: "لا تحمل العاقلة عمداً ولا عبداً ولا صلحاً ولا اعترافاً "وإذا كان كذلك توجهت اليمين على العاقلة يستحقها الضارب دون وارث الجنين؛ لأنه يصل إلى الدية من الضارب، وإنما سقط بإنكارهم تحملها من الضارب فلذلك كان هو المستحق لإحلاف العاقلة دون الوارث، فإذا حلفوا وجبت عليهم الغرة، وقيمتها خمس من الإبل هي نصف عشر دية الذكر وعشر دية الأنثى، وتحمل الضارب باقي الدية، فإن كان الجنين ذكراً لزمه تسعة أعشار ديته ونصف عشرها، وهو خمسة وتسعون بعيراً، وإن كان أنثى لزمه تسعة أعشار ديتها وهو خمسة وأربعون بعيراً وعلى قياس هذا ما عداه.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو خرج حياً لأقل من ستة أشهر فكان في حال لم يتم لمثله حياة قط ففيه الدية تامة وإن كان في حال تتم فيه لأحد من الأجنة حياة ففيه الدية. قال المزني: هذا سقط من الكاتب عندي إذا أوجب الدية لأنه بحال تتم لمثله الحياة أن تسقط إذا كان بحال لا تتم لمثله حياة ".
قال في الحاوي: وصورتها في امرأة ألقت من الضرب جنيناً متحركاً فحركته ضربان: حركة اختلاج، وحركة حياة، فحركة الاختلاج لا تجري عليها أحكام الحياة، وتجب فيه الغرة دون الدية، وحركة الحياة تجري عليها أحكام الحياة ويجب فيها الدية والفرق بين حركة الاختلاج، وحركة الحياة، أن حركة الاختلاج سريعة تتكرر كالرعشة في اليد، وتكون في أعضاء الحركة وغيرها.
وحركة الحياة بطيئة لا يسرع تكرارها وتختص بأعضاء الحركة دون غيرها فإذا كان في الجنين حركة حياة كملت فيه دية الحي، وجرى عليه في الميراث حكم الحياة، سواء ألقته لستة أشهر فصاعداً في زمان لا يتم حياة مثله.
فأما المزني فإنه اعترض في هذه المسألة ونسب الكاتب إلى الغلط، وقال إذا أوجب الشافعي فيه الدية إذا كان في حال تتم لمثله حياة اقتضى أن لا تجب فيه الدية إن كان في حال لا تتم لمثله حياة، وليس يخلو اعتراضه هذا من أحد أمرين: إما أن يكون مقصوراً على تغليط الكاتب وسهوه في النقل وأن الشافعي قد أفصح بذلك في كثير من كتبه، وليس بمنكر أن يذكر قسمين ويجيب عنهما بجواب واحد لاشتراكهما في معناه.
وإما أن يكون معترضاً بذلك في الجواب ويرى أنه إذا لم تتم لمثله حياة لم تجب