فصل:
فإذا ثبت وجوب القصاص عليهم، اختص بالقاتل منهم، فإن سلموه لم يقتل غيره من معين ولا مشير وفي انحتام القصاص وجهان:
أحدهما: أنه منحتم كالقتل في الحرابة لا يجوز العفو عنه، لأنهم في إشهار السلاح كالمحاربين من قطاع الطريق.
فعلى هذا: يجوز أن ينفرد الإمام بقتله من غير حضور وليه وطلبه.
والثاني: أنه غير منحتم، يجري عليه حكم القصاص في غيرهم كجريان حكم أهل العدل في ذلك عليهم.
فعلى هذا: لا يجوز للإمام أن ينفرد بقتله حتى يحضر وليه مطالباً، فيكون مخيراً بين القصاص أو الدية أو للعفو عنهما.
فإن لم يسلموا القاتل، جاز قتال جميعهم وحل قتلهم، ولم يختص به القاتل منهم فإن انجلت الحرب عن بقية منهم كف عن قتلهم إلا أن يكون القاتل فيهم، فيقتل قوداً على ما قدمناه من الوجهين من انحتامه.
مسألة:
قال الشافعي رحمه الله: "وإذا قاتلت امرأة منهم أو عبد أو غلام مراهق قوتلوا مقبلين وتركوا مولين لأنهم منهم".
قال في الحاوي: هذا كما قال إذا قاتل مع أهل البغي نساؤهم وصبيانهم وعبيدهم كانوا في حكمهم يقاتلون مقبلين ويكف عنهم مدبرين، وإن لم يكونوا من أهل البيعة والجهاد، لأنهم قد صاروا في وجوب كفهم عن القتال كالرجال من أهل البيعة والجهاد.
ولأن الإمام في دفعهم عن المسلمين جار مجرى الدافع عن نفسه، وله دفع الطالب ولو بالقتل، ولو كانت امرأة أو صبيا، كذلك المقاتل من البغاة يدفع ولو بالقتل ولو كان امرأة أو صبيا. ولا يضمنون وإن أتى القتال على نفوسهم، كما لا يضمن الرجل البالغ، ولا تضمن البهيمة إذا صالت.
مسألة
قال الشافعي رضي الله عنه: " ويختلفون في الإسار ولو أسر بالغ من الرجال الأحرار فحبس لبيايع رجوت أن يسع ولا يسع أن يحبس مملوك ولا غير بالغ من الأحرار ولا امرأة لتبايع وإنما يبايع النساء على الإسلام فأما على الطاعة فهن لا جهاد عليهن".