في الجهاد، وهذا معنى قول الشافعين ويختلفوا في الإسار. فإذا لم يجز حبسهم على البيعة، فقد اختلف أصحابنا في جواز حبسهم لإضعاف البغاة على وجهين، بناء على اختلاف العلتين في حبس أهل الجهاد منهم:
أحدهما: لا يحبسون إذا قيل: إن علة حبسهم وجوب البيعة عليهم.
والثاني: يحبسون إذا قيلت إن علة حبسهم إضعاف البغاة بهم.
مسألة
قال الشافعي رضي الله عنه: "فأما إذا انقضت الحرب فلا يحبس أسيرهم".
قال في الحاوي: قد ذكرنا أن انقضاء الحرب تكون بأحد ثلاثة أضرب:
أحدها: بالرجوع إلى الطاعة والدخول في البيعة، فيطلق أسراهم كما خليت سبيلهم، لأنه المقصود منهم.
والثاني: أن تنقضي بالاستسلام وللقاء السلاح، فلا يجوز بعد استسلامهم ودخولهم تحت القدرة أن يقتلوا، وتجري عليهم أحكام من اعتقد رأيهم موادعا فيخلى سبيلهم وسبيل أسراهم. فإن اختلطوا بأهل العدل، كانوا على حكمهم وإن تميزوا بدار قلد الإمام عليهم واليا ليستوفي منهم الحقوق ويقيم عليهم الحدود، وكانت دارهم دار عدل وإن كانوا على رأي أهل البغي، اعتباراً بنفوذ الأمر عليهم.
والثالث: أن تنقضي الحرب بهزيمتها فمذهب الشافعي: أنهم لا يتبعون سواء كانت لهم فيئة ينضمون إليها أو لم تكن.
وأبو حنيفة يرى إتباعهم إن كانت لهم فينة ينضمون إليها وقد دللنا عليه.
فأما أسراهم: فإن لم يكن للمنهزمين دار فينة ينضمون إليها: أطلق أسراهم، وإن كان لهم دار وفيئة: ففي إطلاق أسراهم وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي: ومقتضى التعليل الأول في حبسهم، أنهم يستبقون ني حبسهم ولا يطلقون إلا أن يبايعوا ولا تبقى لهم دار وفيئة.
والثاني: وهو مقتضى التعليل الثاني في حبسهم، أنهم يطلقون لما قد تم من ضعفهم بالهزيمة.
مسألة
قال الشافعي رضي الله عنه: "وإن سألوا أن ينظروا لم أر بأسا على ما يرجو الإمام منهم وإن خاف على الفيئة العادلة الضعف عنهم رأيت تأخيرهم إلى تمكنه القوة عليهم".