ولو كان في أيديهم أسارى من أهل العدل فقتلوهم، وفي أيدينا لهم أسارى منهم أو رهائن لهم لم يجز قتلهم بمن قتلوه، لأن القاتل غيرهم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو استعان أهل البغي بأهل الحرب على قتال أهل العدل قتل أهل الحرب وسبوا ولا يكون هذا أمانا إلا على الكف فأما على قتال أهل العدل".
قال في الحاوي: وهذا صحيح، إذا استعان أهل البغي على قتالنا بأهل الحرب بأمان أعطوهم، نظر حال الآمان، فانه لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون مطلقا أو مشروطا بقتالنا. فإن كان مطلقا: صح الأمان لهم، وكان عقد أهل البغي لهم كعقد أهل العدل لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم".
ويصيرون بهذا الأمان أمنيين من أهل البغي وأهل العدل، لعمومه وصحته، ما لم يقاتلونا، فإن قاتلونا صاروا كأهل العهد المتقدم، إذا قاتلوا على ما سنذكره.
وإن كان عقد الأمان لهم مشروطة بقتالهم معهم، كان هذا الأمان باطلاً لأمرين:
أحدهما: أنه لما بطل عقد الأمان لهم بقتالنا لم يجز أن ينعقد على قتالنا.
والثاني: أن عقد الأمان يقتضي أن نؤمنهم ونأمنهم فلم يجز أن نؤمنهم ولا نأمنهم، وإذا بطل الأمان بما ذكرنا سقط حكمه في أهل العدل ولزم حكمه في أهل البغي اعتبارا بالشرط في حقهم، وإن بطل في حق غيرهم، وجاز لأهل العدل قتلهم واسترقاقهم وسبيهم وقتلهم مقبلين ومدبرين كما يقتلون ويقاتلون في جهادهم وهم مقبلين ومدبرين.
ولم يجز لأهل البغي قتلهم ولا استرقاقهم وإن حكمنا ببطلان أمانهم للزومه في الخصوص وإن بطل في العموم.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: " فلو كان لهم أمان فقاتلوا أهل العدل كان نقضاً لأمانهم".
قال في الحاوي: وهذا صحيح، إذا كان لطائفة من المشركين عهداً بأمان متقدم، فاستعان بهم أهل البغي على قتالنا، كان ذلك نقضاً لأمانهم إذا قاتلونا لقول الله تعالى: {وإمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} الأنفال: 58.