والثاني: لا يحرم, لأنه ردء لهم وعون, فأجرى عليه حكم مقاتلتهم فقد شهد حرب الجمل محمد بن طلحة بن عبيد الله. وكان ناسكًا عابدًا ورعًا يدعى السجاد.
فرآه علي عليه السلام واقفًا فنهى عن قتله, وقال: إياكم وصاحب البرنس, فقتله رجل وأنشأ يقول:
وأشعث قوام بآيات ربه قليل الأذى فيما ترة العين مسلم
هتكت له بالرمح جيب قميصه فخر صريعا لليدين وللفم
يناشدني حم والرمح مشرع فهلا تلاحم قبل التقدم
على غير شيء غير أن ليس تابعًا
... عليًا ومن لا يتبع الحق يظلم
قال الشافعي: فما أخذه علي بدمه, ولا زجره على قتله.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وأيهما قتل أباه أو ابنه فقال بعض الناس إن قتل العادل أباه ورثه وإن قتله الباغي لم يرثه وخالفه بعض أصحابه فقال: يتوارثان لأنهما متأولان وخالفه آخر فقال لا يتوارثان لأنهما قاتلان. قال الشافعي رحمه الله: وهذا أشبه بمعنى الحديث فيرثهما غيرهما من ورثتهما".
قال في الحاوي: هذه المسألة في ميراث القاتل قد مضت في كتاب الفرائض. فإذا اقتتل الورثة في قتال أهل البغي, فقد اختلف الناس في توارثهم على أربعة مذاهب:
أحدهما: وهو مذهب أبي حنيفة أنه يورث العادل من الباغي ولا يورث الباغي من العادل، لأن قتل العادل ظلم، وقتل الباغي حق.
والثاني: وهو مذهب أبي يوسف ومحمد أنهما يتوارثان فيورث العادل من الباغي ولا يورث الباغي من العادل لأنهما متأولان.
والثالث: وهو مذهب مالك أنه إن قتله في عميا توارثًا, لأن العمياء خطأ, وهو يورث الخاطيء وإن قتله عمدًا لم يتوارثا.
والرابع: وهو مذهب الشافعي أنهما لا يتوارثان بحال في عمد ولا خطأ لعموم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ميراث لقاتل.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ومن أريد دمه أو ماله أو حريمه فله أن يقاتل وإن أتى ذلك على نفس من أراده. قال الشافعي رحمه الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل دون ماله فهو شهيد".