اعتبارًا بقصده وعدم أثره في الوقعة.
والثالثة: أن يقصد التجارة ويشهد الوقعة، فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يقاتل فيسهم له، نص عليه الشافعي بلائه في الحرب.
والثاني: أن لا يقاتل ففيه قولان:
أحدهما: يسهم له لقوله: "الغنيمة لمن شهد الوقعة" ولأنه قد كثر وهيب وتجارته منفعة تعود
على المجاهدين، فلم يحرم بها سهمه معهم.
والثاني: لا يسهم له ولا يعطى رضخ كالإتباع لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهاجر أم قيس"من كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلي ما هاجر إليه" ولأن ما قصده بالخروج من فضل التجارة قد وصل إليه، فلم يزد عليه فيصير به مفضلًا على ذوي النيات في الجهاد، وهذا لا يجوز، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي: "وتقسم الغنيمة في دار الحرب، قسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث غنمها وهي دار حرب بني المصطلق وحنين وأما ما احتج به أبو يوسف بأن النبي صلى الله
عليه وسلم قسم غنائم بدر بعد قدومه المدينة وقوله: الدليل على ذلك أنه أسهم لعثمان وطلحة ولم يشهد بدرًا فإن كان كما قال فقد خالف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعطي أحدًا لم يشهد الوقعة ولم يقدم مددًا عليهم في دار الحرب وليس كما قال.
قال الشافعي: ما قسم عليه السلام غنائم بدر إلا بسير شعب من شعاب الصفراء قريب من بدر فلما تشاح أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في غنيمتها أنزل الله عز وجل {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلَّهِ والرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} فقسمها وهي له تفضلًا وأدخل معهم ثمانية أنفار من المهاجرين والأنصار بالمدينة وإنما نزلت {واعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} بعد بدر ولم نعلمه أسهم لأحد لم يشهد الوقعة بعد نزول الآية ومن أعطى من المؤلفة وغيرهم فمن ماله أعطاهم لا من الأربعة الأخماس وأما ما احتج به من وقعة عبد الله بن جحش وابن الحضرمي فذلك قبل بدر ولذلك كانت وقعتهم في آخر الشهر الحرام فتوقفوا فيما صنعوا حتى نزلت {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} وليس مما خالف فيه الأوزاعي في شيء".
قال في الحاوي: وهذا كما ذكر، الأولى بالإمام أن يعجل قسمة الغنيمة في دار الحرب، إذا لم يخف ضررًا، فإن أخرها إلي دار الإسلام كره له ذلك إلا من عذر.
وقال أبو حنيفة: يؤخر قسمها إلى دار الإسلام في دار الحرب وقال