الفصل
جملته: أن أبوال الآدميين كلها نجسة سواء في ذلك بول الكبير والصفير، والأنثى والذكر، ويجب غسل جميعها إلا بول الغلام ما لم يطعم الطعام، فإن الرش عليه يجزى، وهو أن ينضح بالماء حتى يغمره من غير أن ينزل الماء عنه، وأطلق أصحابنا هذا اللفظ، ومن أصحابنا من قيد. وقال: ما لم يطعم الطعام غير اللبن، وهو صحيح.
وفيما نقله المزني رحمه الله خلل، لأنه قال: "فكل ذلك نجس إلا ما دلت عليه السنة من الرش قلى بول الصبي"، فأوهم الاستثناء من النجاسة طهارة بول الصبي، ولا يختلف المذهب في نجاسته، وإنما قال الشافعي رضي الله عنه: "فكل ذلك نجس يغسل إلا ما دلت عليه السنة 171 ب/ 2 وبه قال أحمد واسحق وأبو عبيد رحمهم الله.
وروي هذا عن علي وعطاء رضي الله عنهم. وقال أبو يعقوب الأبيوردي من أصحابنا: الرش أن ينضح ما يزيد على قدر البول، فيطهر بذلك، وأراد بالسنة ما روي أن صبياً حمل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ليحنكه فوضعه في حجره، فبال فيه فدعا بماء فرش عليه، وتركه"، والمستحب الغسل، نص عليه. ثم قال الشافعي: "ولا يتبين لي فرق بينه وبين بول الصبية"، يعني من حيث المعنى، ولكن السنة فرقت بينهما.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يرش من بول الغلام، ويغسل من بول الجارية". وروي عن أمامة بنت الحارث أنها قالت: كان الحسين بن علي رضي الله عنهما في حجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبال عليه، فقلت: البس ثوباً آخر، وأعطني إزارك حتى أغسله، فقال: "إنما يغسل من بول الأنثى، وينضح من بول الذكر".
قال أبو سليمان الخطابي: "معنى النضح في هذا الموضع الغسل، إلا أنه غسل لا مرس ولا ودلك في الجارية: غسل يستقضي فيه فيمرس باليد ويعصر بعده"، وهذا قريب مما ذكرنا، والاعتماد في الفرق بين الصبي والصبية على السنة، لأن بول الجارية أصفو وله رائحة، وبول الصبي أبيض كالماء، فلهذا افترقا.
وقال أبو يعقوب الأبيوردي: إنما فرق بينهما بعض أصحاب الحديث، وعندنا: لا فوق بينهما في جواز الرش. وقال أبو حامد: التسوية بينهما ذكره بعض أصحابنا،