وليس بشيء. وقال القفال: فيه قولان، والأقيس أن لا فرق. والصحيح الفرق للسنة، والأثر عن علي رضي الله عنه.
وقال أبو حنيفة والنخعي والثوري ومالك رحمهم الله: "يجب غسل الأبوال كلها"، وقال داود: "وبول الصبي ما لم يأكل الطعام، فالرش استحباب"، وحكي عن الأوزاعي والنخعي: يرش على الأبوال كلها قياساً على بول الصبي. وأما ما عدا الآدميين من جميع الحيوانات فبولها كلها وأرواثها نجسة سوا، كانت مما يؤكل لحمه أو لا يؤكل.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: 172 أ/ 2 "بول ما لا نفى له سائلة وروثه طاهر، لأن الناس يتعافون ونيم الذباب، وأن العسل ظاهر من النحل".
قال: وبناء الوجهين على أنه هل ينجس بالموت؟ وفيه قولان. وهذا غير صحيح، لأن الناس يتعافون ونيم الذباب لقلته وعموم البلوى به لا لطهارته، والعسل ليس بروث النحل، وإنما تعسله بفمها. وقوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ} النحل: 69 يعني من جوف الفم لا من دبرها.
وقال القاضي أبو علي البندنيجي: سألت الشيخ أبا حامد عن ذرق السمك والجراد، فإن الناس يأكلون الجراد والسمك الصغار على صفته، فقال: كل هذا طاهر، فقلت: فما الذي يصنع بعلة الشافعي لأنه بول فقال: ينبغي أن يقال: هو نجس، فقلت: فما يقول في جب ماءٍ ألقي فيه السمك ومكث دهراً يعلم أنه بال وذرق فيه؟ فقال: ينبغي أن يكون الحكم في أبواله وذرقه أنه نجس معفو عنه، لأن الاحتراز منه لا يمكن كدود الخل وذباب الباقلي إذا مات فيه نجس ولكن يعفى عنه قولاً واحداً.
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: "الكل نجس إلا ما لا يمكن الاحتراز عنه كزرق الحمام والعصافير ونحوها"، فإنه طاهر وما عداها نجس إلا أنه يختلف الحكم فيه فبول ما لا يؤكل لحمه وروثه لا يعفى عنه إلا قدر الدرهم وبول ما يؤكل لحمه يعفى عنه ما لم يتفاحش إلا عند أبي حنيفة، المتفاحش ربع الثوب، وقيل: ذرع في ذراع.
وعند أبي يوسف: شبر في شبر، وفي روث ما يؤكل لحمه، لا يعتبر أبو حنيفة التفاحش، وأبو يوسف يسوي بين بوله وروثه. وقال الزهري ومالك والثوري وعطاء وأحمد وزفر رحمهم الله: "بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهر". وقال الليث ومحمد: "بول ما يؤكل لحمه طاهر دون روثه".
وقال النخعي: "بول ما عدا الآدميين وروثه كلها طاهر مما يؤكل ومما لا يؤكل". واحتجوا بما روي أن قوماً من عرينة قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فاجتووها، أي: كرهوها فاصفرت ألوانهم، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو خرجتم في إبلنا فأصبتم من أبوالها وألبانها"، ففعلوا فصحوا فمالوا على الرعاء فقتلوهم، 172 ب / 2 واستاقوا الإبل، وارتدوا عن الإسلام، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - في أثارهم فأتى بهم، فقطع أيديهم