أحدهما: أنه على أصل الإباحة ما لم يحدث خطر فأشبه المرتد.
والثاني: أن قتل الإمام لما لم يوجب ضمانًا لو يوجب قتل غيره كالحربي.
مسألة:
قال الشافعي: "وإن أسلموا بعد الأسر رقوا وإن أسلموا قبل الأسر فهم أحرار".
قال في الحاوي: وجملة إسلامهم ضربان.
أحدهما: أن يكون قبل أسرهم، فيسقط خيار الإمام فيهم، فلا يجوز أن يقتل، ولا يسترق ولا يفادي، وهم كمن أسلم قبل القتال في جميع أحكام المسلمين، وسواء أسلموا وهم قادرون على الهرب أو كانوا في حصار أو مضيق قد أحيط بهم، ولو في بئر، لأنهم قبل الإسار يجوز أن يتخلصوا فجرى على إسلامهم دماءهما وأموالهما، وهكذا من بدل الجزية قبل الإسار حقن بها دمه، وحرم بها استرقاقه، وصارت له بها ذمة كسائر أهل الذمة، فإن أقام في دار الإسلام منعنا عنه نفوسنا وغيرنا، وإن أقام في دار الحرب منعنا عنه نفوسنا ولم يلزم أن نمنع عنه غيرنا.
فصل:
والضرب الثاني: أن يسلموا بعد الإسار وحصولهم في أدي المسلمين فيسقط القتل عنهم بإسلامهم، ويحقنوا به دماءهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم" فثبت أن الإسلام موجب لحقن دمائهم، فإن بذلوا الجزية بعد الإسراء ولم يسلموا نظر فيهم، فإن كانوا من عبدة الأوثان لم تقبل جزيتهم، ولم تحقن بها دماؤهم، وإن كان من أهل الكتاب ففي حقن دمائهم وقبول الجزية بعد الإسار وجهان حكاهما ابن أبي هريرة:
أحدهما: تحقن بها دماؤهم بعد الإسار كما تحقن بها دماؤهم قبل الإسار كالإسلام.
والثاني: لا تحقن بها دماؤهم بعد الإسار وإن حقنت بها قبله لقول الله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ} وليس لهم بعد الإسار يد.
فصل:
فإذا سقط قتلهم بعد الإسار بالإسلام، فقد قال الشافعي هاهنا، فإن أسلموا بعد الإسرا رقوا، وإن أسلموا قبل الإسار فهم أحرار، وظاهر هذا الكلام أنهم قد صاروا رقيقًا بالإسلام، من غير استرقاق،
وقال في موضع آخر: إنهم لا يصيرون رقيقًا حتى