على هوازن يوم حنين أن يتمردوا للقتال، ولا يخرجوا معهم الذراري، فخالفه مالك بن عوف ألنضري وخرج بهم فهزموا فقال دريد في ذلك:
وأمرتهم أمري بمنعرج اللوى فلم يستنبينوا إلا ضحى الغد
وظفر بدريد وكان في شجار وهو أبى مائة وخمسين سنة، وقيل: مائة وخمس وستين، فقتل، وقيل: ذبح ورسول الله صلى الله عليه وسلم يراه فلم ينه عنه فدل على إباحة قتل ذوي الآراء وإن كانوا شيوخا.
والثالث: من الذراري من النساء والأطفال، فلا يجوز أن يقتلوا في المعركة إلا أن يقاتلوا فيقتلوا دفعًا
لآذاهم، فأما بعد الأسر فلا يجوز أن يقتلوا، سواء قتلوا أو لم يقاتلوا لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن
قتل النساء والذراري والولدان ولأنهم سبايا مسترقون قد ملكهم الغانم كالأموال.
والرابع: من اعتزل القتال والتدبير من رجالهم، إما لعجز كالزمني وذوي الهرم من الشيوخ، وإما لتدين
كالرهبان، وأصحاب الصوامع والديارات شباباً كانوا أو شيوخا، ففي إباحة قتلهم قولان:
أحدهما: قاله في كتاب حكم أهل الكتاب لا يجوز قتلهم، وهو مذهب أبي حنيفة لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اقتلوا الشرخ واتركوا الشيخ" الشرخ الشباب ومنه قول الشاعر:
على شرخ الشباب تحية فإن لقيت ددًا فقط من دد
والدد اللهو واللعب ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لست من دد ولا دد مني". وروى أنس ابن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: انطلقوا بسم الله وعلى ملة رسول الله لا تقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلًا ولا صغيراً ولا امرأة ولا تغلوا وخيموا غنائمكم وأحسنوا إن الله يحب المحسنين".
وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لزياد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وشرحبيل ابن حسنة لما بعثهم إلى الشام: أوصيكم بتقوى الله، اغزوا في سبيل الله، وقاتلوا من كفر بالله، ولا تقتلوا ولا تغدروا، ولا تفسدوا في الأرض، ولا تعصوا ما تؤمرون، ولا تقتلوا الولدان، ولا النساء، ولا الشيوخ، وستجدون أقوال حبسوا أنفسهم على الصوامع فدعوهم، وما حبسوا له أنفسهم، وستجدون أقوامًا اتخذ الشيطان في أوساط رؤوسهم أفحاصًا فإذا وجدتموهم فاضربوا أعناقهم، والأفحاص أن يحلقوا