أوساط رؤوسهم يقال لهم الشماسة، ذكره أبو عبيدة، ولأن من لم يقاتل في الغزو لم يقتل في الأسر كالذراري.
والثاني: نص عليه في سير الواقدي واختاره المزني، يجوز أن يقتلوا لعموم قول الله تعالى: {فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وجَدتُّمُوهُمْ}.
وروى الحسن البصري عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اقتلوا شيوخ أهل الكتاب واستحييوا شرخهم" يعني استبقوا شبابهم أحياء ومنه قوله تعالى: {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ ويَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ}. فأمر بقتل الشيوخ واستبقاء الشباب لأمرين:
أحدهما: أنه لا نفع في قتل الشيوع وفي الشباب نفع.
والثاني: أن رجوع الشباب عن كفره أقرب من رجوع الشيخ ويحتمل أن يريد بالشرخ غير البالغين وهو أشبه، لأن من كان من أهل القتال جاز قتله، وإن قعد عن القتال كالمقاتل، ولأن من استحق سهمًاإذا كان مسلماً جاز قتله، وإذا كان كافراً كالمقاتل.
فصل:
فإذا تقرر توجيه القولين فإن قيل بالأول إنهم لا يقتلون كانوا كالأسير إذا أسلم، فهل يرقون أو يكون الإمام فيهم على خياره؟ بين ثلاثة أحكام: أن يسترقهم، أو يفادي بهم، أو يمن عليهم على ما ذكرناه من القولين، وإن قيل بالقول للثاني إنهم يقتلون كانوا كالأسرى إذا لم يسلموا، فيكون الإمام فيهم على خياره بين أربعة أحكام: أن يقتل، أو يسترق، أو يفادي، أو يمن، فأما الأجراء فإنهم يقولون قولاً واحداً، ويكون الإمام فيهم على خياره بين الأحكام الأربعة، لأنهم أعوان علينا أو مقاتلة لنا.
فإن قيل: فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قتل الحسناء والوصفاء والعسفاء الأجزاء والوصفاء جمع وصيف، قيل إنما نهى عن قتلهم لئلا يقع التشاغل بهم عن قتل المقاتلة، لأنهم أذل نفوساً، وأقل نكاية، وأنهم لا يفوتون إن هربوا ولا يمتنعون إن طلبوا، وعلى مثل هذا حمل نهي أبي بكر رضي الله عنه عن قتل أصحاب الصوامع.
مسألة:
قال الشافعي: "وإذا أمنهم مسلم بالغ أو عبد يقاتل أو لا يقاتل أو امرأة فالأمان جائز قال صلى الله عليه وسلم: "المسلمون يد على من سواهم يسعى بذمتهم أذناهم".
قال في الحاوي: أما أمان المشركين فجائز لقول الله تعالى: {وإنْ أَحَدٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ
فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} فيه تأويلان:
أحدهما: إن استغاثك فأغثه.
الثاني: وهو أصح إن استأمنك فأمنه، حتى يسمع كلام الله فيه تأويلان: