فوقف على إذن سيده، وعقد الأمان يدخل فيه غير العاقد، فاستوي فيه العبد والسيد.
مسألة:
قال الشافعي: " ولو خرجوا إلينا بأمان صبي أو معتوه كان علينا ردهم إلى مأمنهم لأنهم لا يعرفون من يجوز أمانه لهم ومن لا يجوز".
قال في الحاوي: وهذا صحيح لأن الصبي والمعتوه لا حكم لقولهما لارتفاع القلم عنهما، فلم يصح عقد أمانهما كما لم يصح سائر عقودهما، فإن دخل بأمانهما كافر نظرت حاله، فإن علم بطلان أمانهما في شرعنا فهو والداخل بغير أمان، فيجوز قتله واسترقاقه، وإن لم يعلم بطلان أمانهما في شرعنا لم يجز إقراره في دار الإسلام، ووجب على الإمام رده إلى مأمنه لأنه قد تمكن من شبهة توجب حقن دمه.
فصل:
فأما إذا كان في يد المشركين أسير من المسلمين فأمن في حال أسره رجلًا من المشركين نظر، فإن أكره على الأمان لم يصح، لأن عقود المكره باطلة، وإن كان غير مكره، قال أبو حامد الإسفراييني: صح أمانه وأطلق جوابه بهذا، وعندي أنه نعتبر أمانه بحال من أمنه، فإن كان في أمان من المشرك صح أمانه لذلك المشرك، وإن لم يكن في أمان منه لم يصح أمانه له لآن الأمان ما اقتضى التساوي فيه، فإذا صح أمانه فيه كان في أمان المسلمين ما كان مقيمة في دار الحرب، إن دخل دار الإسلام روعي عقد أمانه، فإن شرط فيه أمانه في دار الإسلام وكان أمنا فيها، وإن كان مطلقا لم يكن له فيها أمان وكان مقصوراً على أمانه منهم في دار الحرب، لأن إطلاق العقد يتوجه إلى دار العقد لاختلاف الدارين في الحكم.
فصل:
فإذا تقرر من يصح منه الأمان فالحكم فيه يشتمل على خمسة فصول:
أحدها: ما ينعقد به الأمان وهو ضربان: لفظ وإشارة.
فأما اللفظ: فينقسم ثلاثة أقسام:
أحدها: ما كان صريحًا وذلك مثل قوله: أنت آمن، أو في أمان، أو قد أمنتك، أو يقول: أنت مجار، أو قد أجرتك، أو يقولن لا بأس عليك، فهذا وما شاكله صريح في عقد الأمان، لا يرجع فيه إلى نية، ولو قال: لا خوف عليك كان صريحاً، ولو قال: لا تخف لم يكن صريحاً، لأن قوله: لا خوف عليك نفى للخوف فكان صريحًا، وقوله: لا تخف نهي عن الخوف فلم يكن صريحًا.