الجعالة شيئا في غير القلعة استحقه بالدلالة وإن تعذر فتحها، لأنها معلقة بشرط واحد وهو الدلالة وقد وجدت وإن ظفروا بالقلعة وفتحوها فعلى ضربين:
أحدهما: أن يظفروا بفتحها عنوة حال الجارية فيها من أحد أربعة أقسام:
أحدها: أن لا تكون من أهل القلعة، ولا فيها فلا شيء للدليل لاشتراط معدوم ويستحب لو أعطى رضخاً، وإن لم يستحقه، فلو وجدت الجارية في غير القلعة نظر، فإن كانت من أهل القلعة كان كوجودها في القلعة فيستحقها الدليل على ما سنذكره، وإن كانت من غير أهل القلعة، فلا حق للدليل فيها، لأنه اشترط جارية من القلعة، وليست هذه منها ولا من أهلها.
والثاني: أن تكون الجارية موجودة في القلعة باقية على شركها، فيستحقها الدليل ولا حق فيه للغانمين، ولا يعاوضهم الإمام عنها لاستحقاقها قبل الفتح، فصارت كأموال من أسلم قبل الفتح.
والثالث: أن تكون الجارية موجودة في القلعة، وقد أسلمت فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون إسلامها قبل القدرة عليها فهي حرة، ولا يجوز استرقاقها فلا يستحقها الدليل، لمنع الشرع منها ويستحق قيمتها، لأن شرعنا منعه منها، فلذلك وجب أن يعاوض عنها بقيمتها، وسواء كان الدليل مسلم أو كافرًا.
والثاني: أن يكون إسلامها بعد القدرة عليها، فهي مسترقة لا يرتفع رقها بالإسلام وللدليل حالتان: إحداهما: أن يكون مسلماً فيستحق الجارية.
والثانية: أن يكون كافراً ففيه قولان، بناء على اختلاف قوليه في الكافر إذا ابتاع عبدًا مسلمًا.
فأحد قوليه: إن البيع باطل فعلى هذا لا يستحق الجارية وتدفع إليه قيمتها، فإن أسلم من بعد
لم يستحقها لانتقال حقه منها إلى قيمتها.
والثاني: إن البيع صحيح، ويمنع من إقراره على ملكه، فعلى هذا يستحق الدليل الجارية وإن كان كافرًا، ويمنع منها حتى يبيعها، أو يسلم فيستحقها، فإن لم يفعل أحد هذه الثلاث بيعت عليه جبراً ودفع إليه ثمنها.
والرابع: أن توجد الجارية في القلعة ميتة فقد ذكر الشافعي ها هنا كلامًا محتملًا في غرام القيمة
له خرجه أصحابنا على قولين:
أحدهما: له قيمتها كما لو أسلمت، لأنه ممنوع منها في الحالين.
والثاني: لا قيمة له، لأن الميتة غير مقدور عليها فصار كما لو لم تكن فيها، وخالفت التي أسلمت لمنع الشرع منها مع القدرة على تسليمها، وعندي أن الأولى من إطلاق هذين القولين أن ينظر فإن كان موتها بعد القدرة على تسليمها استحق قيمتها، وإن كان قبل القدرة على تسلمها فلا قيمة له ويجوز أن يكون إطلاق الشافعي محمولًا على