هذا التفصيل فهذا حكم فتحا القلعة عنوة.
فصل:
والضرب الثاني: أن تفتح صلحا فهذا على ضربين:
أحدهما: أن لا تدخل الجارية في الصلح، فيكون الحكم فيها على ما مضى من فتحها عنوة.
والثاني: أن تدخل في الصلح، وهو أن يصالحنا على فتحها على أن يخلي بينه وبين أهله، وتكون هي
من أهله وهي مسألة الكتاب فقد تعلق بها حقان:
أحدهما: للدليل في عقد جعالته.
والثاني: لصاحب القلعة في عقد صلحه وكلا العقدين محمول على الصحة. وقال أبو إسحاق المروزي الأول صحيح، والثاني باطل اعتبارًا بعقدي النكاح وعقدي البيع، لأنه لا يمكن الجمع بينهما فصح أسبقهما وهذا القول فاسد من وجهين:
أحدهما: أن حكم هذا العقد أوسع من حكم العقود الخاصة، لجواز بمجهول وغير مملوك.
والثاني: أن الأول لو كفى أمضينا صلح الثاني، ولو فسد لم يمض إلا بعقد مستجد وإذا كانا صحيحين والجمع بينهما غير ممكن لتنافيهما، والاشتراك بينهما غير جائز لامتناعه فيبدأ بخطاب الدليل لتقدم عقده فيقال له جعلنا لك جارية وصالحنا غيرك عليها عن جهالة بها، وليس يجوز أن سينزلك عنها جبرًا، لتقدم حقك فيها افتراض أن تعدل عنها إلى غيرها من جواري القلعة أو إلى قيمتها، فإن رضي بذلك فعلناه، وأمضينا صلح القلعة عليها، وإن امتنع الدليل أن يعدل عنها قلت لصاحب القلعة: قد صالحناك عليها بعد أن جعلناها لغيرك على جهالة افترض بأخذ غيرها في صلحك أو ثمنها، فإن رضي بذلك فعلناه ودفعناها إلى الدليل وإن امتنع أن يعدل عنها إلى غيرها لم يجبر على انتزاعها من يده لما عقدناه من صلحه، وقيل: قد تقدم فيها حق الدليل على حقك وعلينا بعقد صلحك الذي لا تقدر على إمضائه أن نعيدك إلى مأمنك، ثم تكون من بعده لك حربًا، فإذا رد إلى مأمنه مكن من التحصن والاحتراز على مثل ما كان عليه قبل صلحه من غير من زيادة عليه، ولا نقصان منه، وكنا له بعد التحصن حربًا، وإن فتحت القلعة عنوة كان حكم الجارية في تسليمها إلى الدليل مستحقًا على ما مضى، وإن لم نفتحها عنوة وعدنا عنها فلا سيء للدليل لما ذكرنا ويستحب أن لو رضخ له من سهم المصالح وإن لم يجب فلو عدنا إلى القلعة بعد الانصراف عنها وفتحناها عنوة فعل يستحق الدليل الجارية أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: لا يستحقها، لأنها لم تفتح بدلالته.
والثاني: يستحقها، لأن الوصول إلى فتحها بدلالته.