إذا وفقت على بعض المناسبين كانت مقصورة على الوالدين مع المولودين، كالولاية والشهادة والقصاص وحد القذف، وهذه أربعة أحكام وافقوا عليها، فكذلك في أربعة أحكام خالفوا فيها، وهي وجوب النفقة، والعتق بالملك، والقطع في السرقة، والتفرقة في البيع، فأما الخبران فضعيفان، ولو صحا حملًا على الاستحباب بدليلنا، وقياسهم على الوالدين فالمعنى فيه وجود البعضية المانعة من قبول الشهادة.
مسألة:
قال الشافعي: "وإنما نبيع أولاد المشركين من المشركين بعد موت أمهاتهم إلا أن يبلغوا فيصفوا الإسلام. قال المزني رحمه الله: ومن قوله: إذا سبي الطفل وليس معه أبواه ولا أحدهما أنه مسلم وإذا سبي ومعه أحدهما فعلى دينهما فمعنى هذه المسألة في قوله أن يكون سبي الأطفال مع أمهاتهم فيثبت في الإسلام حكم أمهاتهم ولا يوجب إسلامهم موت أمهاتهم".
قال في الحاوي: ومقدمة هذه المسألة أن المسبي من أولاد المشركين لا يخلو خال سبيه، أن يكون مع أحد أبويه أو مفردًا، فإن سبي مع أحد أبويه كان حكمه بعد السبي كحكم المسبي مع أبويه، فإن أسلم أبواه أو أحدهما كان إسلامًا له ولصغار أولادهما، سواء اجتمع الأبوان على الإسلام أو أسلم أحدهما، وسواء كان المسلم منهما أباه أو أمه، ولا اعتبار بحكم السابي، وإن لم يسلم واحد من أبويه كان مشركا بشركهما، ولا يصير مسلمًا بإسلام سابيه، ولأن اعتباره بأحد أبويه أولى من اعتبار سابيه لأجل البعضية، وبه قال أبو حنيفة.
وقال الأوزاعي: يصير مسلمًا بإسلام السابي، وإن كان مع أحد أبويه، وهذا خطأ لقول النبي صلي الله عليه وسلم "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
وقال مالك: يصير الولد مسلما بإسلام أبيه، ولا يصير مسلمًا بإسلام أمه، ويكون في الدين تابعًا لسابيه دون أمه، وهذا غير صحيح، لأمرين:
أحدهما: قول النبي صلي الله عليه وسلم: "فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" فاعتبر حكمه بأبويه دون سابيه.
والثاني: أنه من أمه يقينًا، ومن أبيه ظنًا، فلما صار معتبرًا بأبيه فأولى أن يصير معتبرًا بأمه.
فصل:
فأما إذا سبي الصغير وحده، ولم يكن مع أحد أبويه، فحكمه حكم سابيه، ويصير