مسلمًا بإسلامه، لأن الطفل لا بد أن يعتبر في الدين بغيره، إذ ليس يصح مع عدم التكليف أن يعتبر بنفسه، فإذا ثبت اعتباره بالسابي في جريان حكم الإسلام عليه، ففيه وجهان:
أحدهما: أنه يجري عليه حكم الإسلام قطعًا، في الظاهر والباطن، كما يصير بأحد أبويه مسلمًا، فإن بلغ ووصف الشرك لم يقر عليه، وبه قال المزني، وهو الظاهر من مذهب الشافعي وقول جمهور البغداديين.
والثاني: أنه يجري عليه حكم الإسلام في الظاهر دون الباطن، تغليبًا لحكم السابي، فإن بلغ وصف الشرك أقر عليه بعد إرهابه، وهو قول جمهور البصريين، كما يعتبر إسلام اللقيط في دار الإسلام بحكم الدار، فيكون مسلمًا في الظاهر، تغليبًا لحكم الدار، فإن بلغ ووصف الشرك أقر عليه بعد إرهابه.
فصل:
فإذا ثبتت هذه المقدمة في أولاد المشركين إذا سبوا صغارًا، فمتى أجرينا عليهم حكم الإسلام إما بأحد الأبوين أو بالسابي جاز بيعهم على المسلمين، ولم يجز بيعهم على المشركين، وإن أجرينا عليه حكم الشرك جاز بيعهم على المسلمين وعلى المشركين، ولم يكره.
وقال أبو حنيفة: يجوز بيعهم على المشركين، ولكن يكره.
وقال أبو يوسف، وأحمد بن حنبل: لا يجوز بيعهم على المشركين حال احتجاجًا بأمرين:
أحدهما: ما في بيعهم من تقوية المشركين بهم.
والثاني: أنهم يصيرون في الأغلب على دين سادتهم إذا بلغوا.
ودليلنا على ما روي أن النبي صلي الله عليه وسلم سبى بني قريظة سنة خمس ففرق سبيهم أثلاثًا فبعث ثلثًا بيعوا بتهامة، وثلثًا بيعوا نجد وثلثًا بيعوا بالشام، وكانت مكة والشام دار شرك، وكذلك أكثر بلاد تهامة ونجد، ولأن رسول الله صلي الله عليه وسلم من على سبي هوازن، وردهم على أهلهم، وإن كان فيهم من بقي على شركه، ولأن المملوك إذا جرى عليه حكم دين جاز عليه بيعه من أهل دينه، كالعبد البالغ، ويبطل به ما احتجوا به من تقويتهم به، ويبطل أيضًا بيع الطعام عليهم مع ما فيه من تقويتهم به، وبه يبطل احتجاجهم أنهم يصيرون في الأغلب على دين سادتهم.
مسألة:
قال الشافعي: "ومن أعتق منهم فلا يورث كمثل أن لا تقوم بنسبه بينة".