جنس الأخبار قد يفضي إلي العلم، فكأنه توصل باجتهاده وغلبة ظنه إلي إثبات خبر جرير، وعلم من خبر جرير أنها فتحت عنوة.
والثاني: أن الاجتهاد ذو غلبة الظن هو فيما خفي واشتبه من سبب فتحها والعلم هو فيما ظهر وانتشر من قسمها، فاستدل بظاهر القسمة علي باطن العنوة.
وإن قيل: إن المراد به حكمها، لأنها وقف، ففي تأويل قوله: إلا بظن المقرون إلي علم وجهان:
أحدهما: أن العلم ما فعله عمر من استنزالهم عنها، وغلبة الظن فيما حكم به من وقفها.
والثاني أن العلم وضع للخراج عليها، وغلبة الظن في المنع من بيعها، والله أعلم.
مسألة:
قال الشافعي: "وأي أرض فتحت صلحا علي أن أرضها لأهلها يؤدون فيها خراجا فليس لأحد أخذها من أيديهم وما أخذ من خراجها فهو لأهل الفئ دون أهل الصدقات لأنه فئ من مال مشرك وإنما فرق بين هذه المسألة والمسألة قبلها أن ذلك وإن كان من مشرك فقد ملك المسلمون رقبة الأرض أفليس بحرام أن يأخذ منه صاحب صدقة ولا صاحب فئ ولا غني ولا فقير لأنه كالصدقة المؤقوفة يأخذها من وقفت عليه".
قال في الحاوي: اعلم أن ما استولي عليه من أرض بلاد الترك ينقسم علي خمسة أقسام:
أحدهما: ما فتحوه عنوة، واستولوا عليه قهرا ن فهي ملك للغانمين تقسم بينهم قسمة الأموال بعد أخذ خمسها لأهل الخمس، وللغانمين أن يتصرفوا فيما قسم لهم تصرف المالكين بالبيع والرهن والهبة، إن خالف فيها مالك وأبو حنيفة خلافا قدمناه، وتكون أرض عشر لا خراج عليها إلا أن يستنزلهم الإمام عنها كالذي فعله عمر فيكون حكرا علي ما قدمناه في أرض السواد.
والثاني: ما أسلم عليه أهله، فقد صارت تلك الأرض بإسلام أهلها دار الإسلام وأرضها معشورة ولا يجوز أن يوضع عليها خراج.
وقال أبو حنيفة: الإمام مخير فيها بين أن يجعلها عشرا أو خراجا فإن جعلها لم يجز أن ينقلها إلي العشر،،وإن جعلها عشرا جاز أن ينقلها إلي الخراج، وهذا فاسد من وجهين: نص وتعليل: