ومنام، لما فيه من استبدالهم له، وإن لم يمنع منه المسلم، لأن المسلم يعتقد تعظيمه دينا، والمشرك يري استبداله دينا.
وأما دخولها لغير ذلك من سماع القرآن، وما يعرض فيه من حاجة إلي مسلم، فيجوز بإذن ويمنعون منه بغير إذن.
قال الله تعالي: {وإنْ أَحَدٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} التوبة: 6 فدلت هذه الآية علي إباحة الدخول بعد الإذن.
فإن قدمت وفود المشركين، فالأولي أن ينزلهم الإمام في غير المساجد، فإن أراد إنزالهم في المساجد اعتبرت حالهم.
فإن خيف منهم تنجيس المسجد منعوا من نزوله، وإن أمن منهم تنجيسه نظر فيه، إن لم يرج إسلامهم منعوا من نزوله صيانة له من الاستبدال، وإن رجي إسلامهم عند سماع القرآن جاز إنزالهم فيه.
قد أنزل رسول الله صلي الله عليه وسلم وفد ثقيف في المسجد، فكان سببا لإسلامهم، وإسلام قومهم.
ولو دعت الضرورة فيمن لم يرج إسلامهم إلي إنزالهم في المسجد لتعذر ما ينزلون فيه، مستكنين فيه من حر أو برد جاز لأجل الضرورة أن ينزلوا، لأن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنزل سبي بني قريظة وبني النضير من ضرورة حتى أمر بهم، فبيعوا وربط ثمامة بن أثال الحنفي إلي سارية في مسجده.
فأما من يصح منه الإذن ن فلا يخلو أن يكون لمقام أو اجتياز، فإن كان لمقام أكثر من ثلاثة أيام تزيد علي مقام السفر لم يصح الإذن فيه إلا من سلطان ينفذ أمره في الدين أو يجمع عليه أهل تلك الناحية من المسلمين، ويكون الإذن مشروطا أن لا يستضر به أحد من المصلين. وإن كان دخوله لاجتياز أو لبث يسير نظر في المسجد.
فإن كان في الجوامع التي لا يترتب الأئمة فيها إلا بإذن السلطان لم يصح الإذن في دخوله إلا من سلطان لأنه لما اعتبر إذنه في إمامة الصلاة المفروضة، كان أولي أن يعتبر فيما أبيح من دخول أهل الذمة.
وإن كان المسجد من مساجد القبائل والعشائر التي يترتب فيها أئمتها بغير إذن السلطان لم يعتبر إذن السلطان في دخوله.
وفيمن يصح إذنه وجهان:
أحدهما: كل من صح أمانه لمشرك من رجل وامرأة، وحر وعبد، صح إذنه في المسجد، لأن حكم الأمان أغلظ.
والثاني: أنه لا يصح إلا إذن من كان من أهل الجهاد من الرجال الأحرار، لما